ثقافه وفنون
خالد العدل يكتب - عن المرأة
أبسط أنواع الإدراك وأقربها الى الحقيقة ، هى الإدراكات الحسية ، أن أسمع وأرى ، وكلها إدراكات على درجة عالية من الوثاقة ، وتشكل إرشادات ذهنية ، بدونها لا يمكن للإنسان أن يدرك ، ولابد من إستدعائها عند الحاجه .
والنماذج الذهنية الإرشادية المخزونه لدى أى إنسان ، يدخل فى تكوينها الدين والمجتمع والعادات والتقاليد والدراسات والأهواء والمصالح ، والفهم الخاطئ لمعظم تلك المكونات ظلَم المرأة تماماً ، حتى أصبحت المرأة فى نظر أكثر الناس سذاجة وغفلة هى ( الشر الذى لابد منه ، وأن الشيطان أعارها عقله .. إلخ ) .
وهذا هو إطار التمييز ضد المرأة وإطار إحتقار المرأة ، وأحد أسباب ضحالتنا تجاه المرأة ، لأنه يقوم على التنكر للمرأة ، ومجافاتها ، وظُلمها .
بالرغم من أنه إذا عرفت نفسك كرجل فقط ، ستخوض نصف تجربة الإيمان ، تلك التجربة الروحية ، ولن تستطيع أن تشعر شعور الإيمان الكامل التام ، إلا عبر المرأة ، لأنها نصف الإنسان الآخر ، الإنسان الذى هو رجل وإمرأة ، ومن خلال الاثنين فقط تستطيع أن تعرف نفسك كإنسان ، فتعرف ربك .
وفى القرآن إشارة تشريفية عجيبه للمرأة ، لم يلَتفت لها الكثير ، فمع كل حمل يتنزل ملكان بسر إلهي علوى جليل شريف محكم ، إنه نفخ روح إلهية من أمر الله فى هذا الرحم ، لكى يتحول هذا اللحم والدم الى إنسان ( ثم أنشأناه خلقاً أخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين ) صدق الله العظيم .
وليس متاح لأى رجل أن يعيش هذه التجربة يوماً من الأيام ، أن يتلقى روح من روح الله ، لكن المرأة تفعل هذا مع كل حمل ، والذى لم يُلتفت إليه ، أن هذا لا يتم فى صلب الرجل ، إنما يتم فى رحم المرأة ، فكيف يحتقرها البعض ؟؟ ، وكيف لا نرى مزاياها وخصائصها ؟؟ وكم هى المرأة مقدسة بتشريف ؟؟ .
المرأة لا تستطيع إلا أن تكون أعظم شاعرة وأعظم روائية وأعظم كاتبه ، إذا حاولت المرأة أن تعبر عن هذه اللحظة النادرة المتفردة ، والتى تتلقى فيها هذا السر الإلهي .
وأنت أيها الرجل ، أن تهيئ نفسك وفق مسبقاتك ووفق الصورة الذهنية الإرشادية تجاه المرأة ، سيضيع منك المعنى ، ويتلاشى الحب ، ويتهاوي الفهم ، وسيذهب كل شئ الى عكسه تماماً .
وفي عيد الأم ، كل عام ، وكل أم بخير وسعادة ، وتحت أقدامها الجنة .