إقتصاد وأعمال

الرئيس الإقليمي بـ'ستاندرد تشارتر: كورونا فرصة البنوك لتخفيف التفاعل البشري

كتب في : الاثنين 30 مارس 2020 - 12:17 صباحاً بقلم : خالد العدل

قال محمد عبدالرازق، الرئيس الإقليمي للمعلومات لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط في بنك " ستاندرد تشارترد "، إن الوقت الحالي هو الأنسب للقطاعات المصرفية لكي توفر إجراءات من شأنها التخفيف من التفاعل البشري، في خضم تفشي وباء الكورونا وتطبيق سياسات التباعد الاحتماعي .

 

وتولى عبدالرازق منصبه كرئيس إقليمي للمعلومات في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط، ورئيس قسم المعلومات للخدمات المصرفية الإسلامية أكتوبر الماضي، ليتخذ البنك بعدها خطوات مهمة، لتعزيز حلوله الرقمية على مدار 18 شهرًا وإطلاق خدمة "SC"، الذي يوفر للعملاء الخدمات المالية عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وأضاف عبدالرازق، في حوار مع "بوابة الأهرام"، أن المصارف حول العالم صعّدت من إجراءاتها الوقائية تجاه العملاء وشجّعتهم على استخدام خدماتها المصرفية الإلكترونية وعبر الهاتف.

 

وحول تأثير فيروس الكورونا بشكل إيجابي على قطاع الخدمات المصرفية الرقمية، قال عبدالرازق:"إن المصارف الملمّة بالعالم الرقمي يمكنها مواصلة تزويد العملاء بالخدمات المصرفية والمالية، بالإضافة إلى ضمان استمرارية الأعمال والتقليص من انتشار الوباء".

 

وأضاف أنه من المفترض أن تشهد المصارف التي تمتلك منصات رقمية تدفقًا كبيرًا في كمية طلبات العملاء خلال الفترة، وتشجّع المصارف والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم عملاءها على استخدام منصاتها المصرفية إلكترونيًا وعبر الهواتف الذكية.

 

في هذه المرحلة بالذات، تعتبر عمليات الدفع غير التلامسية، أي تلك الرقمية أو الإلكترونية أو التي تتم عبر الهاتف، وسيلة آمنة كي يدير الناس احتياجاتهم المصرفية، ورغم الإيجابيات التي يجلبها الأمر للمصارف على المدى القصير، إلا انه لا يزال من المبكر معرفة كيفية تغييره لسلوك العملاء مستقبلاً.

 

وردًا على سؤال حول التوقعات بنمو التجارة الإلكترونية في عصر كورونا، قال:"إن الشركات والحكومات تشجع أفراد المجتمع على تجنّب التجمعات الكبيرة وممارسة "التباعد الاجتماعي" الفعّال، وبالتالي من المتوقّع أن نشهد ارتفاعًا في المعاملات الإلكترونية والرقمية".

 

كما من المتوقّع أن تتفوّق التجارة الإلكترونية على القطاعات الأخرى، وأن يعتاد المستهلك على النظام الرقمي خلال المدى المنظور. في الواقع، أعلنت شركة "أمازون" مؤخرًا أنها ستوظّف 100,000 عامل بدوام كامل وجزئي للعمل داخل مراكز تلبية الطلبات من أجل تلبية طلب الناس المتزايد على خدمات أمازون الإلكترونية للتوصيل.

 

وحول إمكان أن تهدد المصارف الرقمية البنوك التقليدية، قال عبدالرازق إن المصارف كان ينظر لها سابقًا على أنها متأخرة جدًا في شأن الرقمنة، لكنها بدأت تلتحق بهذا العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وبينما تقود البنوك الريادة والابتكار بشكل متزايد في مجال الرقمنة، تتنافس للحفاظ على مكانتها، كما يضع القطاع المصرفي التطبيقات التكنولوجية كأولوية من أجل تحسين أرباحه النهائية، التي تشمل الشراكات وغيرها.

 

على سبيل المثال، من شأن التطوّرات الحاصلة للخدمات المصرفية الرقمية السماح للبنوك من إبقاء قاعدة عملائها الحاليين واستهداف جمهور أوسع، خصوصًا أولئك الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، وفي السياق، يرتبط تنفيذ التدابير الإستراتيجية التي تعزز الشمول المالي عبر الرقمنة ارتباطًا وثيقًا بارتفاع الربحية والأداء المالي.

 

بالإضافة إلى ذلك، تمكّن الأتمتة القياسية ومكاتب العمليات المساندة البنوك من تحقيق مدخرات ضخمة لتكلفة التشغيل، كما تمكّنها من تخصيص رأس المال البشري للوظائف التي تعتبر إستراتيجية أكثر، وفقًا لدراسة أجرتها شركة "ماكينزي"، يمكن لمصرف بميزانية عمومية تبلغ 250 مليار دولار أمريكي أن يحقق ربحًا سنويًا يصل إلى 230 مليون دولار أمريكي، حيث يستمد أكثر من النصف بقليل من كفاءة التكلفة.

 

من جهة أخرى، تتمتع المصارف وأعمالها القياسية بميزة تنافسية راسخة مقابل لاعبي السوق، لا سيما فيما يتعلق بمستوى ثقة المستهلك والودائع، إلا أن ما سبق لا يزيل الحاجة إلى رأس المال البشري والتفاعل غير المصطنع، ويؤمن " ستاندرد تشارترد " بوجود المصارف الرقمية مع لمسة بشرية، لذا نواصل الاستثمار في رأس المال البشري.

 

وفعليًا، تحتاج رقمنة العمليات المصرفية كمية كبيرة من الخبرة البشرية التي تشمل تشغيل هذه التقنيات، كما يشكّل الموظفون ضرورة حتمية حين يتعلق الأمر بتطبيق نموذج خدمة رقمية ناجح؛ حيث هم بمثابة سفراء المصرف في رحلته الرقمية.

وأوضح أن منطقة الشرق الأوسط شكلت مركز انطلاق العديد من المبادرات التطلعية التي تقودها كل من السلطات الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء. وباتت الرقمنة مكونّا أساسيًا لأبرز اللاعبين في المنطقة كالإمارات ومصر. على سبيل المثال، طبّقت الإمارات "الإستراتيجية الوطنية للابتكار"، الهادفة إلى تشجيع الابتكار والتطوّر من خلال سلسلة من القطاعات ذات الأولوية في الدولة، التي تشمل قطاع النقل والتكنولوجيا والصحة. وفي السياق عينه، تعتبر "مئوية الإمارات 2071" بمثابة مبادرة وطنية ضخمة تهدف إلى تحقيق المزيد من الرقمنة، وإلى تسليط الضوء على التطورات التكنولوجية والمعرفة، حيث تصبح في مقدمة الأولويات.

 

بالنظر إلى مصر، نرى أن مجتمعها الملم بالرقمنة تبنى ظهور التقنيات الحديثة. وينطبق الأمر عينه بالنسبة لنظامها المصرفي، حيث دعم البنك المركزي المصري إلى حد كبير المصارف المحلية، كما طوّر البيئة المصرفية الرقمية في البلاد. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الاستمرار في استراتيجية البنك المركزي الهادفة إلى التوصّل إلى اقتصاد غير نقدي عبر توفير عدّة أنظمة لخدمات الدفع الرقمية.

 

بالإضافة إلى ذلك، قدّمت المؤسسات المالية الدولية والإقليمية سلسلة من الإصدارات الرقمية في المنطقة، باعتبار الشرق الأوسط بيئة مثالية لنموها ونجاحها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك إطلاق " ستاندرد تشارترد " للإعداد الرقمي بوقته الفعلي في الإمارات العربية المتحدة، الذي هو الأول من نوعه في مجال الأسواق والمصارف. وتمكّن العملاء عبر هذا البرنامج من الحصول على خدمة مؤتمنة بالكامل لإصدار بطاقة ائتمانية.

 

وكان " ستاندرد تشارترد " قد أشاد، في تقرير أخير له، بتحسن الاقتصاد المصرى بفضل إجراءات الاصلاح النقدي والمالي القوية، إلى جانب صادرات الغاز المستقبلية أن تساعد في تقليل العجز المزدوج (عجزي الحساب الجاري والعجز المالي)،علاوة على تحسن اساسيات السوق التي تدعم زيادة الاتجاه نحو الاستثمار في مصر.

 

وحول كيفية مكافحة البنوك مخاوف العملاء من استخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف، قال إنه من خلال النظر إلى منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، نرى الزيادة الملحوظة بنسبة طلبات المستهلكين لكل من الخدمات المصرفية الرقمية وعبر الهاتف، وقد ظهر ذلك بشكل جليّ في استطلاع الرأي الأخير لـ "ديلويت"، حيث أظهر أنه من الممكن إقناع حوالي 58% ممّن يمتلكون التطبيقات المصرفية عبر هواتفهم الذكية من التحوّل إلى استخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف فقط.

 

وبحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، فلدى منطقة الشرق الأوسط أحد أعلى مستويات امتلاك الهواتف الذكية في العالم. ويبلغ عدد الاشتراكات في الهواتف الذكية في البحرين والإمارات ضعف عدد سكانها، مما يدلّ على أن المنطقة مهيئة بشكل تام لاعتماد نظام الخدمات المصرفية عبر الهاتف.

 

إلا أن بعض المستهلكين قلقون حيال الآثار المترتبة على الخدمات المصرفية الرقمية، والتي تتضمن أخطار الأمن السيبراني، وعلى رغم واقعية هذه المخاوف، تتمكّن المصارف من التقليص من خطورة تهديدات الأمن السيبراني وبناء الثقة ضمن قاعدة المستهلكين، كما أنه من المرجّح أن يتجنب المستهلكون التقنيات المعقدة بالنسبة لهم، وأن يجذبوا أكثر نحو التقنيات السهلة الاستخدام.

 

في المقابل، على البنوك والمؤسسات والسلطات المالية فتح الباب أمام تثقيف المستهلكين وتوعيتهم حول تعزيز كل من المعرفة المالية والقنوات الرقمية. وبينما يضمن ذلك معرفة المستهلكين بالحلول الرقمية التي يستخدمونها، يضعهم أيضًا في موقع آمن يمكّنهم من التخفيف من معدل الأخطار قد تطرأ على رءوس أموالهم، ويسهم تعزيز وعي المستهلك في ترسيخ العلاقة بين المصارف والمستهلكين.

 

ونفذت بعض البنوك كـ" ستاندرد تشارترد " وظائف أمنية متينة لضمان حماية المستهلكين وبياناتهم، كما أطلق المصرف عددًا من مبادرات محو الأمية المالية الهادفة إلى تعزيز وعي المستهلك ومعرفته، ويشجع البنك باستمرار على استخدام تطبيقنا الذكي "SC" عبر هواتفهم الخليوية، سواء للاستفادة من الخدمات المصرفية أو للتحقّق من الأرصدة والمعاملات أو حالة طلبات الخدمات، بالإضافة إلى تحديث التفاصيل الشخصية، وإدارة بطاقات الائتمان والقروض الشخصية.

بداية الصفحة