كتاب وآراء

الاتفاق السعودي الايراني يترنح .

كتب في : الأحد 16 يوليو 2023 - 1:55 مساءً بقلم : حسين عطايا / لبنان

 

في العاشر من اذار - مارس من العام الحالي ٢٠٢٣ ، جرى توقيع الاتفاق السعودي - الايراني ، في بكين بوساطة ورعاية وضمانة صينية ، واتى هذا الاتفاق بناء على الحاح ايراني من قِبل اعلى سلطة ايرانية وهي المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية ، حيث استعجلت سلطات ايران الصين لتفعيل وساطتها وصولاً لتوقيع الاتفاق .

وفي حفل توقيع الاتفاق افصح وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحات ، على ان مهلة شهرين للاتفاق ليبدأ بظهور مفاعيله ولفحص صدق النوايا ،  من خلال إعادة فتح السفارات والتبادل الديبلوماسي والذي انقطع منذ سنوات على إثر مهاجمة القنصلية السعودية في مشهد ، وهذا الحدث كان سبب قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد سلسلة احداث ومواقف سبقت هذا العمل .

بدأت بعض مفاعيل الاتفاق على الظهور من خلال وقف اطلاق نار في اليمن بين الحوثيين والسلطات الشرعية لكن هذا الامر ليس كافياً لبناء جسور ثقة حقيقية بين الطرفين ،  على ان تتوقف ايران عن إرسال الاسلحة للحوثيين ووقف تدخلها المباشر في شؤن الدول ، لكن للحقيقة وبعد ما يُقارب مرور اربعة شهر عل تاريخ الاتفاق لم تتطور الامور وتتظهر مفاعيل الاتفاق لاسباب عديدة ابرزها عدم التزام ايران بنصوص الاتفاق والامور تسير ببطءٍ شديد تكاد لاتُرى وذلك لامورٍعدة ابرزها :

* لم تجري الامور في اليمن على مايُرام وبنفس السرعة التي تمت فيها إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارة والقنصلية الايرانية في كل من جدة والرياض ، ولاتزال ايران تدعم الحوثيين وكان اخرها مصادرة قوات التحالف الغربي في الاسبوع الماضي باخرة تنقل اسلحة وعتاد عسكري في البحر الاحمر قرب سواحل اليمن .

* في العراق لازال التدخل الايراني على حاله مع بعض الحِراك باتجاه الاقطار العربية التي يقوم بها محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي والتي تنظر اليها ايران بعين الريبة .

* في سوريا لاتزال قوات الحرس الثوري الايراني ومليشيات ايران تمارس اعمالها وكأن الاتفاق لم يحدث ، وكأن فقرة عدم التدخل في شؤن الدول التي نص عليها صراحة الاتفاق غير موجودة .

* في لبنان لا يزال حزب الله يُمارس تعنته ويأخذ البلاد رهينةً ليكون نقطةً مهمة في خدمة ايران على طاولة مفاوضات مسقط بين الامريكيين والايرانيين في التوصل الى اتفاق شفهي يوقف التخصبب العالي لليورانيوم ويُفرج عن بعض المليارات المحتجزة في كل من العراق وكوريا الجنوبية ، وما توتير الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلا صفحة من صفحات الارتهان التي يُمارسها حزب الله في لبنان خدمة لاسياده في طهران .

كل هذه الامور والنتائج لم تكن غائبة عن مسامع وتوقعات القيادة السعودية ، بعدم تنفيذ ايران لما تم الاتفاق عليه ، وبالتالي هذا الامر اصبح في عهدة الراعي والضامن الصيني للاتفاق .

اما التطور الاهم والذي يُعتبر تصعيداً خطيراً قد يُنهي مفاعيل الاتفاق هو التصريح الايراني بخصوص حقل الدرة الغازي والذي هو حقل مشترك سعودي كويتي ويقع في المياه الاقليمية للدولتين الشقيقتين ، والذي استدعى رداً سعودياً عالي النبرة لم تكن تتوقعه القيادة الايرانية   وهذا الامر اتى ليُظهر تعنت ايران وبأنها لم تُغير سياستها العنصرية المبنية على فائض القوة الوهمية التي تُنادي بها   مما سينعكس حتماً على بناء الثقة ما بين طرفي الاتفاق وقد يؤدي الى بداية تراجع او تراخي سعودي في السير قُدُماً بمفاعيل تطوير الاتفاق السعودي الايراني .

وهنا يحضرنا مثل يوناني قديم يقول :
إذا تحدث الفارسي عن السلام فاعلم ان الحرب قادمة .

بداية الصفحة