كتاب وآراء

تَعَلَّم فن الاجتياز!

كتب في : السبت 10 يونيو 2023 - 2:49 مساءً بقلم : حنان فاروق العجمى

 

نعم للاجتياز فن صدِّق وكُن على يقين كلما تجاوزت التفاهات كلما ارتفعت أكثر، وهنا فقط تنكسر الأعناق التي تطول تحاول الوصول إليك وتتدلى فلا تستطيع الاستقامة على فرعها مرة أخرى

الاجتياز ليس فقط عبور الصعاب ولكنه أيضًا عبور وتجاوز لكل ما يحاول تعكير صفو حياتك

دعهم يلعبون في الماء العَكِر ولا تلتفت، فهذا أقصى مايستطيعون فعله لن يصلوا أبدًا في يوم من الأيام إلى ماء حياتك الصافية لأنك تسعى لتنقيتها من الشوائب باستمرار هكذا لا يستطيع القلب النقي البلوري إلا العيش في جزر الصفاء ، نعم وصفتُها بالجزر ، ولكنها ليست معزولة وإنَّما هي للخاصة ساكنيها الذين لا يعرفون الخُبث والحقد، والشر، والغل، هي جُزر نائية لا يقطنها إلا كل روح تُنير لغيرها وتُرشده إلى الصواب

كلماتي ليست مجرد إنشاء وتعابير مرصوصة وحروف بجانب بعضها البعض، ولكنها قد تكون نبراس حياة

نظرتُ حولي فرأيت بعض الآفات الضارة، وكان واجبي الإشارة إليها أعتبرُه واجب مُقدَّس، فالعالم لم يَعُد يحتمل المزيد من هذه الآفات التي تُسمم العلاقات بين الناس، وتسعى جاهدة لخراب البيوت، أو قد يكون حقدها بلا سبب سوى احتوائها على نبات الغيرة المُتَسَلِّق الذي يتغَذَّى على الغل الدفين في أعماق هؤلاء، فإن لم يستطع أن يكون مثلك تجده يحاول بشتى الطرق هَدمك، في هذا قمة استمتاعه، هذه الكائنات غالبًا ما تشعُر بالدونية

وأحيانًا تحتاج إلى ترويض حتى لا تنقض بغير وعي على غيرها فتؤذيه، بل يجب أن تُحكَم أقفاصها عليها بالأقفال الخاصة بها حتى لا تعيث فسادًا في الأرض

قد يضُرك أقرب الناس إليك بدون سبب واضح مجرد تَسلُّل شيطانه إلى عقله يُحَرِّضُه عليك مُستغلًّا مشاعر غضب سابقة مدفونة بعقله الباطن نحوك

وقد يضُرك غريب عنك لا تعلم عنه شيئًا لمجرد أنه رآك أفضل منه في شيء والحسد مذكور في القرآن الكريم فعليك أن تحطاط وتحمي نفسك بآيات الذكر الحكيم فأنت لاتعلم نوايا القلوب وما بداخلها قد تُصاب في نفسك أو وَلَدك وتنقلب دنياك رأسًا على عقب

لا أطرح مواضيع مكررة، ومعروفة، ولكن حقًّا انتشرت النفوس المريضة التي تكره الخير لغيرها على كافة المستويات ومختلف المراحل العمرية والفئات فأصبح ليس فقط زميلك أو زميلتك بالعمل أو أحد أقربائك بل قد يكون الأخطر من ذلك إنسان لا يعرفك ولا يعلم كيف تعيش حياتك ويحسدك ويوجه لك سهام شرِّه لمجرد رؤية صورة لك على وسائل التواصل الاجتماعي تبتسم فيها أو قد تُظهر سعادتك بشيء ما أو حدث ما خاص بك أو حتى حدث عام فتدور تروس عقله الواهم ليُبَرِّر لنفسه أنه الوحيد التعيس بهذا العالم ويحسدك ويحسد الآخرين على سعادتهم وهو لا يعلم ظروفك ولا طبيعة حياتك وأنك كنت تدعو الله وتجتهد للوصول إلى هذه الفرحة وتحمد الله عليها فعندما تُعلن عن حصولك على الماجستير أو الدكتوراه فقد اجتهدت وبحثت وناقشت وخُضت غمار العلم وتعبت لتحقق ما أنت عليه اليوم وليس بالشيء اليسير فهو مجهود بدني وعقلي وتكاليف مادية قد تحملتها من أجل الوصول لهدفك ولم يأت شيء إليك بهذه السهولة ، عندما تفرح بنجاح أحد أبنائك الذي قُمت بتربيته على أحسن وجه ورعايته وسهرت الليالي على راحته لأنه فلذة كبدك لتجني ثمرة تعبك ويكون قرة عين لك فهذا حقك الشعور بالفرحة والثناء على مجهود أبنائك المبذول وحمد الله على نعمه فالمال نعمة والأبناء نعمة وحصولك على أعلى الشهادات العلمية نعمة والخُلُق القويم نعمة، ووجود الله في أقوالك وأفعالك نعمة وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها فمن حمد وشكر زاده الله من نعمه ومَن أنكر وأخفى رزقه الله بلاءًا وكدَر في عيشته، ولكن علينا الأخذ بالأسباب، وذكر الله، والتحصين، بمعنى الإعلان، والفرح بدون بهرجة وتفاخر حتى لا نتأذى من الذين في قلوبهم مرض هذا رغم أنني بشكل خاص قد تأخذني السعادة أو الفرحة بحَدَثٍ ما على المستوى الشخصي أو غيره، وقد أُعرِب عن سعادتي بشكل تلقائي، ولكني أعود فأنصح نفسي كما أُحدِّثكم لأَرُد نفسي إلى الاعتدال وعدم المبالغة كي لا أستدعي الشحنات السالبة لأحدهم تجاهي فيضرني بقصد أو بغير قصد فهي طبيعة النفس البشرية فيها الخير والشر وأصدق قصة مذكورة بالقرآن الكريم قصة سيدنا يوسف

بالطبع لا أقول أن كل الناس هكذا ولكن الله خلق منا النفس الضعيفة والنفس الطيبة التي تحب الخير لغيرها

خيرُكم خيرُكم لغيره والناصح الأمين خيرُهُم لغيره

بداية الصفحة