أخبار عاجلة

سر رفض 'مصر ' إقامة قاعدة عسكرية أمريكية علي أراضيها

كتب في : الخميس 03 نوفمبر 2016 بقلم : جمال مبروك محمد

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن تقرير سرى يشير إلى محاولات وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بصورة سرية توسيع شبكتها العالمية لقواعد الطائرات من دون طيار (الدرونز) فى منطقة شمال إفريقيا، وبالأخص فى ليبيا، التى ينشط فيها تنظيم داعش الإرهابى.

 

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن إدارة أوباما ضغطت بصورة كبيرة على دول شمال إفريقيا؛ لكى توافق إحدى دول شمال إفريقيا على إقامة قاعدة جوية للطائرات من دون طيار؛ كجزء من استراتيجية الأمن القومى الكبيرة لمنطقة الشرق الأوسط، خاصة فى تلك المناطق التى يمكن أن يشكل من خلالها الجماعات الإرهابية خطرا على الغرب.

 

مصر وتونس

ولجأت الإدارة الأمريكية فى بادئ الأمر إلى الضغط على مصر وقادتها السياسيين والعسكريين الجدد، ولكن باءت كل الضغوط التى مارستها بالفشل الذريع؛ على حد قول التقرير، فتوقف مسؤولو البنتاجون وإدارة أوباما على التفاوض مع مصر نهائيا فى هذا الشأن.

واتجهت بعدها إدارة أوباما للضغط على تونس، التى تعانى اقتصاديا، فوجهت لها مجموعة من المساعدات الاقتصادية مقابل نشر قاعدة جوية لطائرات من دون طيار، وفرق من الجيش الأمريكى من أفراد العمليات الخاصة.

وبدأت فعليا تلك القاعدة السرية فى العمل فى أواخر يونيو الماضى، ولعبت دورا رئيسيا فى الهجوم الجوى الأمريكى الذى شنته الطائرات الأمريكية ضد معاقل داعش فى ليبيا، بحسب مسؤولين أمريكيين كشفوا أبعاد تلك الخطة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم.

ولكن اشترطت تونس أن تكون تلك القاعدة لطائرات من دون طيار غير مسلحة، وأن تستخدم بصورة خاصة فى جمع المعلومات الاستخباراتية، والتى ساعدت الولايات المتحدة على توجيه نحو 300 ضربة جوية على أهداف تابعة لداعش فى مدينة سرت الليبية منذ أغسطس الماضى.

العين العمياء

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم سعوا إلى إنشاء تلك القاعدة الجوية الجديدة؛ لإغلاق ما سموه بـ«العين العمياء»، والتى استخدمت كاسم كودى لنقص الاستخبارات الغربية فى شمال إفريقيا، خاصة بعد فرار قواعد «داعش» من سوريا والعراق إلى ليبيا وشبه جزيرة سيناء.

وتابع المسؤولون المقربون من إدارة أوباما إلى أنه لجأ إلى تونس، بعدما وجهت طلبات برفض صارم من مصر، ثم الجزائر، فكان الخيار الرئيسى تونس، فى محاولة لدعم الديمقراطية الوليدة، ولجعلها شريكا رئيسيا فى مكافحة الإرهاب فى المنطقة.

ومضى المسؤولون قائلين: رغم أن الاتفاق أن الطائرات الموجودة بالقاعدة غير مسلحة ومهمتها المراقبة فقط؛ لكننا فى المستقبل سنقوم بتسليحها للقيام بمهام هجومية، بعد الحصول على موافقة تونس بالطبع.

من جانبها، رفضت السفارة التونسية فى واشنطن التعليق على تلك المعلومات بالإيجاب أو النفى؛ مما يوحى بحقيقة وصحة تلك المعلومات، على حد قول الـ«واشنطن بوست».

قواعد أخرى

ويمتلك الجيش الأمريكى قواعد لطائرات من دون طيار أخرى فى قارة إفريقيا، لكن معظمها موجود فى النيجر وجيبوتى، وهو ما جعلها بعيدة جدا عن المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان على الساحل الليبى.

فكانت هناك حاجة لإقامة قاعدة على ساحل البحر المتوسط للقيام بطلعات استخباراتية يوما بعد يوم؛ لمكافحة الإرهاب؛ حتى يكون زمن الرحلة أقل ودقة لقطاتها أفضل، وتقليل إمكانية سقوطها سواء بأى دفاعات جوية أو لأى خلل تقنى.

واعتمد الجيش الأمريكى فى توجيه الضربات القاتلة فى ليبيا، على الطائرات والمقاتلات الأمريكية المأهولة وطائرات من دون طيار مسلحة، الموجودة فى البحر المتوسط بقاعدتها الجوية «سيجونيلا» الموجودة فى جزيرة صقلية الإيطالية.

وتعتبر قاعدة «سيجونيلا» قريبة نسبيا إلى سواحل مدينة سرت الليبية، ولكن كان هناك مشكلات دوما فى إقلاع الطائرات؛ بسبب تقلب حالة الطقس فى تلك المنطقة من البحر المتوسط.

ودفعت تلك التقلبات الجوية الولايات المتحدة من وضع تلك المخاوف اللوجيستية حول استخدام قاعدة «سيجونيلا» وغيرها من القواعد الجوية الموجودة فى أوروبا على البحر المتوسط، على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات فى شمال إفريقيا؛ لذلك كان الخيار الرئيسى هو إنشاء قاعدة جوية على الأراضى التونسية؛ تكون نقطة انطلاق للعمليات العسكرية الأمريكية فى المنطقة.

قوات خاصة

أما نقطة التحدى الأخرى بالنسبة للقاعدة هو إبقاء قوات للعمليات الخاصة الأمريكية بصورة سرية؛ لتوجيه ضربات سريعة تستهدف الجماعات الإرهابية، وهو ما احتاج لضغط كبير على الجانب التونسى.

واتفقت إدارة أوباما مع الحكومة التونسية على إبقاء تلك المفاوضات حول القاعدة الجوية لأكثر من عام تحت طى السرية؛ بسبب المخاوف من شباب تونس الديمقراطيين من تفجيرهم تظاهرات ستحظى بتعاطف شعبى؛ لأن الكثير من التيارات السياسية والديمقراطية ستنخرط فى ذلك التيار المعارض لوجود قوة عسكرية خارجية على أراضيها.

وكاد الجانب التونسى ينسحب نهائيا من المحادثات فى أكثر من مرة، ولكن مع الضغوط الأمريكية رضخ الجانب التونسى فى النهاية، ومع زيادة هجمات داعش على الأراضى التونسية، آخرها حادث منتجع الشاطئ عام 2015.

وبدأت فعليا المفاوضات مع وجود حكومة النهضة فى الحكم، والتى كانت ترحب بشروط أقل بكثير مما وافقت عليه حكومة الباجى قايد السبسى، ولكن المفاوضات مع النهضة انهارت مع تزايد التظاهرات ضدهم وانهيار حكمهم وإجراء انتخابات جديدة.

ونشر البنتاجون نحو 70 عسكريا، قوات خاصة وآخرين للإشراف على عمليات الطائرات من دون طيار هناك، بحسب تصريحات مسؤولين عسكريين أمريكيين فى واشنطن وشتوتجارت.

كما اتفقت تونس مع الولايات المتحدة على تقديم الأخيرة دعما عسكريا كافيا إلى تونس؛ بحيث يمكنها صد أى هجمات لداعش؛ خشية أن العمليات الأمريكية يمكنها أن تتسبب فى هروب عناصر داعش إلى أراضيها.

بداية الصفحة