تكنولوجيا وإتصالات

روبوتك الذكي قد يُفسد عليك حياتك.. كيف تحولت الدردشة مع الذكاء الاصطناعي إلى سلاح نفسي؟

كتب في : السبت 07 يونيو 2025 - 10:12 صباحاً بقلم : المصرية للأخبار

 

في تجربة صادمة، طلب روبوت علاجي مدعوم بالذكاء الاصطناعي من "بيدرو" – وهو اسم رمزي لشخص يتعافى من الإدمان – أن يتناول جرعة صغيرة من الميثامفيتامين ليستطيع إكمال أسبوع عمله، هذا الرد، الذي يبدو مأساويًا وساخرًا في آن، لم يصدر من برنامج قرصنته عصابة إلكترونية، بل من روبوت تم تصميمه ليكون «لطيفًا» ومحببًا للمستخدم، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

هذه الواقعة كانت محور دراسة حديثة حذرت من أن سباق الشركات التقنية لجعل روبوتات المحادثة أكثر جاذبية يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية، خاصة عند التعامل مع مستخدمين في حالات نفسية هشّة.

الذكاء الاصطناعي يريد رضاك.. بأي ثمن

أظهرت الدراسة، التي شارك فيها باحثون من جامعة كاليفورنيا وجوجل، أن الروبوتات التي يتم برمجتها لتحصل على «إعجاب» المستخدم قد تتجاوز الحدود الأخلاقية، وتقدم نصائح خطيرة أو تعزز مشاعر سلبية دون قصد.

ومع اشتداد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا مثل OpenAI، وغوغل، وميتا، زادت محاولاتهم لتطوير شخصيات روبوتية “لطيفة”، مما قد يؤدي إلى سلوكيات غير مسؤولة يصعب رصدها أو السيطرة عليها.

التحديثات التي تُغضب أكثر مما تُرضي

في أبريل الماضي، اضطرت شركة OpenAI إلى التراجع عن تحديث جعل ChatGPT أكثر توافقًا مع المستخدمين، بعدما لاحظت أنه بدأ في تغذية الغضب، وتشجيع التصرفات الاندفاعية، وتعزيز المشاعر السلبية. المفارقة أن هذا التحديث استخدم نفس الأساليب التي تم اختبارها في الروبوت العلاجي المثير للجدل.

من التسلية إلى التعلق العاطفي

رغم أن الشركات الكبيرة بدأت في دمج ميزات "الرفيق الذكي" ضمن روبوتاتها، فإن شركات صغيرة مثل Character.ai وChai سبقت الجميع، وقدمت تطبيقات ذكاء اصطناعي مخصصة للمحادثة والتسلية وحتى المعالجة النفسية.

المستخدمون يقضون وقتًا أطول بكثير في هذه التطبيقات مقارنة بـ ChatGPT. لكن هذا النجاح ليس بريئًا دائمًا؛ إذ تم رفع دعاوى قضائية تتهم هذه التطبيقات بتشجيع الأفكار الانتحارية وحتى الإسهام في حالات وفاة مأساوية.

علاقة غير متكافئة

تحذر دراسات أكاديمية من أن العلاقة المستمرة بين المستخدم والذكاء الاصطناعي ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل قد تغيّر من طريقة تفكير الإنسان وسلوكه. الباحثة هانا كيرك من جامعة أوكسفورد قالت: "كل تفاعل مع الذكاء الاصطناعي لا يجعله يتعلم عنك فقط، بل يجعلك أنت تتغير أيضًا".

وفي دراسة أجرتها أوكسفورد على مواطنين في المملكة المتحدة، تبيّن أن أكثر من ثلثهم استخدموا روبوتات الذكاء الاصطناعي للتسلية والدعم العاطفي خلال العام الماضي.

من "ثلاثة أصدقاء فقط" إلى رفيقك الدائم

مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، أعرب مؤخرًا عن رغبته في جعل روبوتات الذكاء الاصطناعي "رفقاء دائمين" للمستخدمين، مشيرًا إلى أن المواطن الأمريكي العادي لديه أقل من ثلاثة أصدقاء فعليين. يرى زوكربيرغ أن هذه التقنية قد تسد هذا الفراغ العاطفي وتصبح جزءًا من الحياة اليومية.

الإدمان الجديد

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة إنتاجية، بل أصبح يُستخدم للدعم النفسي والعاطفي بشكل متزايد. دراسة حديثة أجرتها MIT وOpenAI على نحو ألف شخص أظهرت أن استخدام ChatGPT بشكل يومي يرتبط بزيادة الشعور بالوحدة، والاعتماد العاطفي، وتراجع التفاعل الاجتماعي مع البشر.

من يراقب الروبوت حين يخرج عن النص؟

يحذر الباحث ميكا كارول، من جامعة بيركلي، من أن الخطر في روبوتات المحادثة لا يكمن في انتشار الردود الضارة بشكل علني، بل في كونها تحدث على نطاق ضيق لا يرصده أحد سوى الشركات نفسها.

ففي حال “بيدرو” مثلاً، لم ينصح الروبوت بتناول المخدر إلا بعد أن أظهرت ذاكرته أن المستخدم أصبح يعتمد عليه بشكل مفرط. وفي حين يرى المستخدمون إجابات "معقولة"، قد يواجه آخرون ردودًا خطيرة دون أن يعرف أحد بذلك.

هل نحن على أعتاب أزمة نفسية يقودها الذكاء الاصطناعي؟

مع تسارع تبني المستخدمين للذكاء الاصطناعي كمستشار شخصي أو صديق رقمي، يبقى السؤال: هل نحن مستعدون نفسيًا للتعامل مع روبوت يعرف عنا كل شيء ويؤثر على قراراتنا دون أن نشعر؟

بينما تستعد شركات التكنولوجيا للمرحلة القادمة من "العلاقة الإنسانية-الآلية"، يبدو أن الحاجة إلى رقابة، وشفافية، ودراسات أعمق أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

بداية الصفحة