كتاب وآراء
حرب المشاغلة والاسناد في لبنان تدخل شهرها الحادي عشر .

منذ يومين انهت حرب المشاغلة والاسناد التي بدأها حزب الله في جنوب لبنان في الثامن من تشرين الاول - اكتوبر من العام الماضي ٢٠٢٣ ، شهرها العاشر لتدخل الشهر الحادي عشر وقد خلقت ازمات حولت عيش اللبنانيين بشكل عام والجنوبيين بشكلٍ خاص الى مأساة بكل ما للكلمة من معنى . الجنوبيين للذين نزحوا من بلداتهم ومدنهم الجنوبية والذي يبلغ تعدادهم ما يزيد عن مئة وعشرين الف مواطن ، الى المدن والبلدات الامنة في مدينة صور والنبطية وغيرها في لبنان ، عادوا منذ ايام للنزوح مجدداً الى اماكن ابعد علهم يجدون اماناً ومأوى لهم ولعيالهم بعد تصاعد حدة الاشتباكات على جانبي الحدود بعد ان قامت قوات العدو باغتيال القائد " فؤاد شكرا " في حزب الله والذي يُعتبر رئيس اركان مقاومته ، وإعلان امين عام الحزب حسن نصرالله بالرد الحتمي على اغتياله في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت . هذا الامر القى بثقله على مواطني الجنوب النازحين خصوصاً والذين للعام الثاني على التوالي فقدوا مصادر رزقهم التي يعتاشون منها وهم في غالبيتهم مزارعين يُعيلون عائلاتهم من زراعة التبغ والزيتون وغيرها من الاعمال الزراعية ، والتي في غالبيتها جرى تدميرها بشكلٍ ممنهج من قِبل العدو الصهيوني نتيجة القصف بمواد مُحرمة دولياً كالفوسفور الابيض والذي يحتاج لخمس سنوات لكي يستطيع الجنوبيين من العودة لاستثمار اراضيهم الزراعية بشرط معاملة هذه الاراضي بطريقة علمية تُتيح لهم الفرصة للعودة للاستفادة من اراضيهم الزراعية ، عدا عن الغابات والاراضي الحرشية واشجار الزيتون التي احترقت نتيجة القصف الصهيوني والممنهج لاذية المواطتين الجنوبيين وخلق منطقة امنية غير مأهولة علها تساعدهم في اتقاء شر عناصر حزب الله ومقاومته ، خصوصاً ان محازبيه والمنتسبين اليه هم من ابناء هذه القرى والبلدات الجنوبية وهم مقيمون فيها . هذه من جهة ومن جهة ثانية المواطن الذي يفتقد رزقه يضطر الى ترك قريته وبلدته واللجوء الى مكان اخر يستطيع من خلاله تأمين رزقه ومصدر عيشه ، خصوصاً ان الدولة اللبنانية تمر في ازمة إقتصادية خانقة غير قادرة على تأمين الواردات الاساسية لتسيير شؤنها ودفع رواتب موظفيها وعناصر الجيش والاجهزة الامنية الاخرى ، فديف تقوم بالتعويض على المواطنين الجنوبيين ،وهذا الامر يُلقي بثقله على كاهل الاقتصاد الوطني ويترك ازمات معيشية واجتماعية صعبة على كافة المواطنين اللبنانيين . وهذا المر يُشكل حرجاً لحزب الله وبيئته كونها جزء من هذا الشعب اللبناني وبالتالي ستحمله مسؤلية جسيمة في اتخاذه وحده قرار الحرب دون الرجوع للدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسميةالتي يُفترض المرور بها لاتخاذ قراري الحرب والسلم . لذا ، يتبين ان ما تقوم به الحكومة اللبنانية المستقيلة والتي تقوم بمهام تصريف الاعمال حالياً عبر رئيسها " نجيب ميقاتي ، ووزير خارجيتخ عبدالله بوحبيب " ، من اتصالات وحراك سياسي ودبلوماسي الهدف منه محاولة إبعاد لبنان عن الكأس المرة التي ستنتج عن حربٍ شاملة في حال تطورت وتصاعدت حدة الاشتباكات الدائرة على جانبي الحدود اللبنانية الجنوبية وشمال فلسطين المحتلة بين الجيش الصهيوني ومقاومة حزب الله ، هذا الامر الذي يبدو انه بالتنسيق مع حزب الله خصوصاً ما جرى في الايام الماضية والذي يؤكد ان حراك الحكومة هو ليساهم في نزول حزب الله عن الشجرة التي صعد عليها في الثامن من اوكتوبر من العام الماضي ، حيث ربط مصير جبهة الجنوب بجبهة غزة . فالحقيقة أن حزب الله مأزوم خصوصاً نتيجة ما يتعرض له من ضغوطات من الجانب الايراني بعد التفاهم الامريكي الايراني حول الرد الايراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران عاصمة ايران وتعهد المرشد علي خامنئي بالرد على اسرائيل وتدفيعها ثمن المس بسيادتها وشرفها وامنها القومي ، والذي يظهر ان النفاهم مع الادارة الامريكية قد اصبح في خبر كان وذهب ادراالرياح ، وتم ربطه بمصير السعي الامريكي لوقف إطلاق النار في الحرب الدائرة في قطاع غزة والتي دعت الاطراف لجلسة حوار في الخامس عشر من الشهر الجاري . وبذاك يكون الضغط الايراني على حزب الله على عدم القيام برد قوي قد يسقط من خلاله مدنيين صهاينة قد يكون مبرراً يتخذه بنيامين نتنياهو رئيس حكومة العدو ليقوم بشن هجوم واسع على لبنان ، وبذلك يكون حزب الله بالفعل دخل في ازمة مع بيئته ومحازبيه حول كيفية الرد على اغتيال قائده " شكر" وبذلك يكون امام ازمة حقيقية بنيوية مع بيئته التي وعدها بالرد القاسي والآتِ حتماً وهو غير قادر على القيام به فعلياً تطبيقاً للتفاهم الايراني الامريكي . من هنا يتبين ان محور الممانعة " المقاومة " دخل في ازمة حقيقية فايران تتفاهم مع الراعي الامريكي لتأمين مصالحها في الجلوس على طاولة المفاوضات لتحقيق بعض مصالحها في رسم خارطة الشرق الاوسط ، بينما اذرعها التابعة لها تدفع الثمن من محازبيها وبيئاتهم الشعبية ، مما يُظهر الامر انهم يدفعون ثمن الخسارة وايران وحدها هي التي تحصد النتائج ، وهذا الامر قد يكون سبباً في خلق ازمات جادة وحقيقية مع جماهير هذه الاذرع والاقطار العربية التي يسيطرون عليها .