أخبار مصر
خطة وزارة التعليم لعام دراسي جديد 'استثنائي في كل شيء'

بدأت وزارة التربية والتعليم، تتحرك مبكرا على مستويات مختلفة، وفي قطاعات عديدة، كي ينطلق العام الدراسي الجديد وينتهي، دون جدل يتكرر، أو مشكلات تُثار، وهي الخطة التي يُشرف عليها ويتابعها بشكل يومي، الوزير محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم، ويتدخل في كل تفاصيلها استنادا إلى رؤية ذاتية تقوم على ترضية المعلم والطالب وولي الأمر وإدارة المدرسة والخبراء والمتخصصين في آن واحد.
ولطالما كان العام الدراسي كل عام، مثار جدل واستقطاب مجتمعي مرتبط ببعض القرارات وطريقة تطبيقها، فإن الوزير محمد عبداللطيف لا يرغب في تكرار سلبيات الماضي القريب، أو البعيد، ويظهر ذلك في عدة نقاط أساسية، يمكن تلخيصها في الآتي:
أولا: وزارة التعليم انتهت مبكرا، من تحقيق ما يمكن اعتباره معجزة، عندما قررت تغيير 94 منهجا تعليميا في الصفوف الدراسية المختلفة، وهو الأمر الذي كان مفاجئا للرأي العام أجمع، وسط تساؤلات كثيرة حول طريقة إنجاز كل هذا الجهد في توقيت قياسي، بينما كانت الوزارة تقوم بتطوير مناهج صف دراسي واحد كل عام، في حين نجحت الوزارة خلال أشهر قليلة فقط، في إنجاز 94 منهجا تعليميا.
ثانيا: المناهج المطورة نفسها، شيقة وبسيطة وليست معقدة أو عشوائية ولا تحتمل شبهة أخطاء، بل تضاهي نظيرتها في في التصنيف الدولي للتعليم. والأهم من ذلك، أنها صارت مملوكة ملكية خالصة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن ظلت المناهج عبر سنوات طويلة مضت، ملكية مؤسسات تربوية ودور نشر، وبالتالي أصبح لدى الوزارة مناهج مطورة وعصرية وذات معايير دولية، تغيرها وتطورها متى وكيفما شاءت، وفق متطلبات العصر واحتياجات العملية التربوية.
ثالثا: بدأت الوزارة في طباعة الكتب الجديدة، والقديمة أيضا، بشكل مبكر، أيّ أن العام الدراسي الجديد سوف يبدأ وتكون جميع الكتب في حوزة الطلاب والمعلمين، بعكس ما كان يحدث في الماضي القريب عندما تتأخر طباعة الكتب، وبناء عليه يتأخر وصولها إلى الطلاب، بدعوى التطوير والتغيير والتحديث والطباعة، وهو ما ينسف أي فرضية مبكرة بأن الوزارة ستتأخر في توزيع الكتب، لأن الطباعة بدأت وستنتهي قبل بدء الدراسة.
رابعا: على مستوى الكثافات الطلابية، فالوزارة انتهت من حلحلة هذا الملف من العام الماضي، ولم يعد أي فصل تصل كثافته لأكثر من 50 طالبا، وهو ما ستبني عليه الوزارة للعام الدراسي الجديد، أيّ أن هذا الملف مغلق من الأساس. وإذا كان العام الدراسي الماضي شهد بعض الجدل حول توزيعة الطلاب وطريقة حل الكثافة، فالعام المقبل مستبعد أن تتكرر فيه أية مشاهد مرتبطة بالكثافات كخطة محسومة مسبقا، ومطبقة بالفعل.
خامسا: فيما يتعلق بأزمة عجز المعلمين. فالوزارة تتحرك في مسارات مختلفة، أولها أن لديها خطة انتهت منها بأن تكون جميع المواد الأساسية بأي صف دراسي يتوافر لها معلمون، ولن يكون بأي مدرسة مادة أساسية بلا معلم، وسيكون ذلك من خلال التعيينات الجديدة والتعاقد بالحصة مع عشرات الآلاف، إضافة إلى مد خدمة من سيخرجون على المعاش وفق تعديلات قانون التعليم، وهذا الملف أيضا محسوم ومنتهي.
سادسا: ملف تقييم الطلاب في المدارس، إذ للمرة الأولى سيكون بحوزة كل طالب كتيب خاص بالتقييمات، يتضمن الواجبات والآداءات والتقييمات والملخصات في كل مادة بدروسها وموضوعاتها، ولن يكون الطالب بخاجة إلى طباعة أو إرهاق نفسه وأسرته في أي شيء يخص التقييمات والواجبات، وكل شيء سيكون معلنا مسبقا، بكتيب شيق وجذاب يغني الطالب عن الكتب الخارجية، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ الوزارة.
سابعا: إشكالية وضع درجات تقييم الطالب في يد المعلمين، هذه أيضا وضعتها وزارة التعليم في الحسبان وهي تستعد للعام الدراسي الجديد، بعد أن رصدت وقامت بتحليل الكثير من الشكاوى المرتبطة بهذا الأمر، وستكون هناك آليات صارمة لعملية التقييم بعيدا عن استغلالها بأي طريقة كانت، وبما لا يجعل بعض شكاوى السنة الماضية تتكرر مرة أخرى، سواء في صفوف النقل، أو ما هو مستحدث من درجات أعمال السنة في الشهادة الإعدادية.
ثامنا: ضغوط الثانوية العامة قاربت على أن تكون إرثا من الماضي، وسيكون أمام الطالب عدة خيارات، إما الثانوية العامة أو البكالوريا المصرية، التي وافق عليها البرلمان لتنهي البعبع الذي طالما طارد ملايين الطلاب وأسرهم، ولن يكون مستقبل الطالب من امتحان واحد أو فرصة واحدة، أو درجة تتحكم في مصير الكلية وأخرى تُنهي أحلامه، لأن البكالوريا باختصار: عدد مواد أقل، فرص امتحانية أكبر، والطالب يلتحق بالجامعة وفق أعلى مجموع حصل عليه.
تاسعا: ملف تدريب وتأهيل المعلمين الذي كان يتم التعامل معه في الماضي القريب بطريقة روتينية وتقليدية، أو بمعنى أدق "التدريب على الورق.. وكله تمام".. لكن ما يجري على داخل مراكز التدريب حاليا، وعبر شاشات الفيديوكونفرانس يشير إلى أن هناك رؤية وإرادة حقيقية لتأهيل وتدريب المعلمين بشكل احترافي وعصري، على الأقل ليكونوا قريبين من متطلبات العملية التدريسية وفق معاييرها الجديدة، وقريبون أيضا من المناهج الجديدة التي تم تطويرها، وقريبون مما تريده الدولة منهم كرُسل علم في الجمهورية الجديدة.
عاشرا: انتقاء الكوادر والكفاءات التعليمية، لتصعيدهم في مناصب قيادية، وهو الملف الذي يتعامل معه الوزير محمد عبداللطيف بخصوصية، باعتبار أن الوزارة بمديرياتها وإداراتها التعليمية، لا تزال تفتقد للصف الثاني الذي يستحق التصعيد للصف الأول. ولأن الوزارة مهما كانت لديها رؤية وسياسة تعليمية استثنائية، دون أن تكون لديها الكواد والكفاءات التي تتولى مهمة التنفيذ على الأرض، فلا قيمة لكل ما يحدث. لذلك، يجري انتقاء الكفاءات من مديري المدارس والإدارات ليكونوا أعمدة الميدان قريبا، وهو الملف الذي غاب عن الوزارة لسنوات طويلة، بينما يستثمر الوزير جولاته الميدانية المكثفة لاكتشاف عناصر جديدة لديها رؤية وخبرة وكفاءة، يُمكن أن تكون شخصيات قيادية لديها القدرة على صناعة الفارق.
هكذا يتم الاستعداد مبكرا للعام الدراسي الجديد، بحلحة مشكلات كانت معقدة، وإنجاز ملفات لا تحتمل التأخير، على مستوى نسف الكثافات وتوفير المعلمين وتحديث وتطوير المناهج وطباعتها في وقت قياسي، مع ملكية الوزارة لكل محتوى تعليمي، وإنهاء الجدل حول التقييمات بكتيب يغني الطالب عن كل شيء، وإعداد آليات مشددة لضبط عملية التقييم، والانتهاء من البكالوريا المصرية وطرحها أمام الطلاب وأولياء الأمور، بالتوازي مع تأهيل المعلمين وفق متطلبات العصر، وانتهاء بالكوادر التعليمية في الميدان، ممن لم يكن يصل إليهم أو يسمعهم أي مسئول.
أمام كل هذه الشواهد، تتنظر مصر عاما دراسيا استثنائيا بامتياز.