إقتصاد وأعمال

أحزان 'الباشمهندس نجيب'.. هل خرج من 'المصريين الأحرار' بسبب الفيلا أم صفقة سى آى كابيتال؟

كتب في : الجمعة 13 يناير 2017 - 12:56 صباحاً بقلم : منى البغدادى

تخلى عن قنوات أون تى فى لأبو هشيمة.. فتحولت من قنوات أخبار إلى منوعات ورياضة

 مصادر تؤكد أن ساويروس كان يرغب فى استخدام نواب الحزب لمصالحه الاقتصادية

 الخلاف بينه وبين علاء عابد ونيته فى إقصاء عصام خليل سبب الانقلاب عليه

 العداء بينه وبين الإخوان لم يهدأ منذ انتخابات برلمان 2011 وحتى حادثة البطرسية

 

فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعى مدته 30 ثانية فقط، يتحدث خلاله المهندس نجيب ساويروس عن سحب حزب المصريين الأحرار الثقة منه، فقال فى آخر الفيديو «أنا مشكلتى إن الخصومة دى مش على مستوايا».

ختم ساويروس الفيديو بجملة سينمائية عادة ما يقولها رجال الأعمال الكبار عندما يتحدثون عن صغار الخصوم، وضعفائهم، هى وجمل أخرى مثل «هفعصك» أو «أنا أدوسك تحت جزمتى»... إلخ، إلا أن الدراما عادة ما كانت تنتصر لهؤلاء الضعفاء.

ودراما مصر إلى الآن أشارت إلى أن هذه الجولة انتهت إلى صالح الضعفاء، أو ما تصورهم المهندس نجيب أنهم ضعفاء، وهم ممثلو الهيئة العليا للحزب. الدراما تؤكد أيضا ما كتبه ساويروس نفسه بعد قرار سحب الثقة منه «لا تأسفن على غدر الزمان.. لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب».

 

الجانب الآخر من الخصومة، خرجت على ألسنتهم العديد من التصريحات، منها أن المهندس نجيب توقف عن تمويل الحزب، ومنها أنه طلب إقصاء علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، والضابط السابق ذائع الصيت والعلاقات، ومنها أن الخلاف على الفيلا مقر الحزب كان هو السبب، بينما أكد عصام خليل رئيس الحزب أن ساويروس كان يعاملهم مثل العبيد.

 

ربما يكون عصام خليل هو كلمة السر فيما حدث للمهندس نجيب. فخليل نجح فى الحصول على ثقة ساويرس لتنصيبه أمينا عاما للحزب، خلفا للدكتور أحمد سعيد الذى ترك المنصب، كما نال ثقته أيضا بانتخابات رئاسة الحزب، وقتها وصف عماد جاد انتخابات رئاسة الحزب بالمسرحية، مؤكدا وجود مشاكل فى إدارة الحزب بسبب سيطرة عصام خليل، ولكن ساويرس رفض ذلك. وزاد من هذه الثقة الأداء الجيد فى الانتخابات البرلمانية، التى جعلت من حزب المصريين الأحرار الأول من حيث التواجد فى مجلس النواب بـ65 مقعدًا.

إلا أن بعد هذا النجاح، واجه الحزب استقالة عدد من الأعضاء ومن ضمنهم عماد جاد، والدكتور أسامة الغزالى حرب لاعتراضهم على طريقة إدارة الحزب، إلا أن ذلك لم يمنع ساويرس من استمراره فى دعم خليل.

 

وفى المؤتمر العام السابق للحزب فى شهر مارس الماضى، أثنى ساويرس على أداء عصام خليل فى إدارة الحزب مؤكدًا أن الحزب يدار بمؤسسية، وقال ساويرس «عصام خليل أثبت نجاحًا كبيرًا فى إدارة شؤون الحزب، مؤكدًا أن الحزب يدار بمؤسسية كبيرة، لافتًا إلى أن أداء نوابه تحت قبة البرلمان أداء قوى وإيجابى، بشهادة الأصدقاء قبل الأعداء، وأن طموحات الحزب أن يكون صوت الضمير الحى فى هذا البرلمان».

 

وبعد فترة من انطلاق البرلمان بدأ نجيب ساويرس يعرب أحيانا عن عدم رضاه عن بعض مواقف نواب الحزب، ومن ضمنها على سبيل المثال التصويت بإسقاط عكاشة، وبعدها بفترة بدأ ساويرس الإعلان صراحة عن رغبته فى الابتعاد عن السياسة، ولكنه ظل مؤسسا للحزب، وعضوا فى مجلس أمنائه.

 

الخلافات بين ساويرس وخليل ظهرت بشكل قوى مع إعلان عصام خليل انعقاد المؤتمر العام للحزب، لإجراء تعديلات على اللائحة الداخلية للحزب، وهو ما دفع مجلس الأمناء بقيادة ساويرس إلى إصدار بيان أعلن فيه رفضه اجراء أى تعديلات على اللائحة دون عرضها على المجلس، ولكن عصام خليل أصر على انعقاد المؤتمر مؤكدا أن كل الإجراءات قانونية.

 

مصادر من داخل الحزب أكدت أن المهندس نجيب ساويرس، مؤسس الحزب كان ينوى الإطاحة بخليل، فى الانتخابات التى كانت ستحدث فى أبريل المقبل، لذلك قام الأخير بتعديل اللائحة لتأجيل الانتخابات الداخلية ليكمل دورته، ومن ثم الإطاحة بمجلس الأمناء وساويروس، عملا بمبدأ المثل القائل «اتغدى بيه قبل ما يتعشى بيك».

 

ساويروس ولا شك هو رجل أعمال ناجح، مشروعاته وعائلته جعلته فى مصاف أغنياء العالم وليس مصر فقط، ربما كان دخوله إلى دنيا السياسة أمرًا جلب له المتاعب والأحزان والصراعات.

ربما كان الدخول إلى هذا العالم الشائك قبل ثورة يناير، حيث كان ينفق على حزب «الجبهة الديمقراطية»، بالمخالفة لقانون الأحزاب وقتها الذى وضع قواعد لعملية التبرع للأحزاب، لكنه لم يعترف بهذا الإنفاق إلا بعد الثورة.

 

وعندما قرر ساويرس أن يخرج للعلن وينشئ حزبا خاصا به أنشأ «المصريين الأحرار» فى أبريل 2011، وفى أول انتخابات نيابية بعد الثورة، قاد الحزب ائتلاف سمى بـ«الكتلة المصرية»، المشكل من عدد من الأحزاب، وكان يطلق عليها شعبيا قائمة نجيب ساويرس، إلا أنها وقتها وقفت أمام غول الإخوان المسلمين، الذين كانوا يسيطرون على الشارع آنذاك، ومن هنا نشأ خلاف بين الجماعة وساويروس، تعددت أشكاله انتهت زمنيا برحيل الجماعة، بعدما كان المهندس نجيب من أشد المؤيدين قولا وعملا ومالا لرحيلهم.

 

لم يكن العداء بين الاثنين وليد سيطرتهم على السلطة أو خروجهم منها، فرجل الأعمال لم يترك مناسبة إلا وهاجم الإخوان، فقال مثلا إنه فى فترة حكمهم عندما كان يسير فى شوارع مصر يشعر بأنه فى إيران من كثرة ما يرى من الأزياء العربية والإيرانية، لهذا ردت الجماعة ونظمت حملة مقاطعة إلكترونية بسبب تصريحاته حول ما أسماه ظاهرة انتشار الحجاب الإيرانى فى مصر.

 

كما هاجم ساويرس، اعتصام رابعة وقال إن الإخوان يقومون بخطف الناس وتعذيبهم ورمى جثثهم فى الشوارع، كما يستخدمون البنادق والمولوتوف، بينما أدلى بتصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال قبل فض اعتصامى رابعة والنهضة بأيام، قال فيها «إن عائلته تخطط لاستثمار مليارات الدولارات فى مصر بعد الإطاحة بمحمد مرسى».

 

ساويرس أكد لنفس الصحيفة أن مرسى كان الدافع وراء قضية الضرائب التى أقامتها الحكومة وقتها ضد شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، مشيرا إلى أن مرسى كان يريد تعليق حزبه السياسى ودفعه لعدم انتقاد النظام.

العداء بينهما لم يهدأ حتى الآن، فلرجل الأعمال الكبير تصريحات تؤكد دعمه لترامب فى الانتخابات الأمريكية ضد هيلارى، لأنها ساندت الإخوان، فيما رفض مؤخرا بيان الإخوان عن حادثة تفجير الكنيسة البطرسية وقال فى تدوينة له «يقتلوا القتيل ويمشوا فى جنازته»، فى إشارة منه إلى أنهم وراء التفجير الذى أودى بحياة أكثر من 25 شخصا.

 

أما عن دولة 30 يونيو، فلم يهنأ ساويروس كثيرًا بحالة سلام معها، لا سيما بعد انتشار أقاويل عديدة برفضه الإجبار على التبرع للصناديق التى أنشئت لدعم اقتصاد الدولة المنهار، ما دفعها إلى الرد بالوقوف كحجر عثرة فى شرائه لبنك الاستثمار سى.آى كابيتال التابع للبنك التجارى الدولى أكبر بنك خاص فى البلاد، وقتها قال المهندس نجيب فى مقال نشره بجريدة الأخبار إن هناك تعنتا حكوميا فى صفقة استحواذه على البنك، وألمح ساويرس إلى أنه قد يتطلع خارج مصر لاستثماراته قائلا «أرض الله واسعة».

 

وكان البنك التجارى الدولى وافق على بيع بنك الاستثمار سى.آى كابيتال المملوك للبنك مقابل 924 مليون جنيه لساويرس من خلال شركته أوراسكوم للاتصالات والإعلام، وأضاف ساويرس أنه فى البداية تفاجأ بدخول البنك الأهلى المصرى بتقديم عرض شراء لسى.آى كابيتال ثم تراجع «بعد الشكوى إلى رئيس الحكومة» ثم كانت المفاجأة الثانية فى انسحاب بنك حكومى من تمويل الصفقة ثم البنوك الخاصة «بناء على تعليمات من البنك المركزى».

 

وكان ساويرس يرغب فى تمويل الصفقة من خلال قروض من البنوك إلا أنه أعلن مؤخرا أنه سيتم تمويل الصفقة من الموارد الذاتية وأن الشراء سيكون من خلال شركته التابعة بلتون المالية.

ربما كان المثير للريبة أن سهم البنك التجارى الدولى المالك لشركة سى آى كابيتال هو صاحب أكبر وزن نسبى فى السوق، وبالتالى قد يتحكم وقت طرحه فى أداء مؤشر البورصة بشكل كبير، وفى آخر تصريح له أكد محمود عطا الله الرئيس التنفيذى لشركة سى أى كابيتال أن أوراق الصفقة موجودة حاليا طرف الهيئة العامة للرقابة المالية، ولا نستطيع الإفصاح عن المشترين الجدد والأمر متروك للهيئة فى ذلك.

 

ووفقا للبورصة المصرية فقد تم توقيع الصفقة مع عدد من كبار المستثمرين المصريين والعرب من الأفراد والمؤسسات غير المرتبطة، وذلك من خلال عملية تجميع طلبات للشراء، على أن يحتفظ البنك بحصة أقلية.

من المتوقع أيضا أن يكون ما قاله النائب محمد سلامة الجوهرى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب صحيحا، حيث ذكر أن السبب الرئيسى فى الخلاف بين المهندس نجيب وبين الدكتور عصام خليل والنواب يكمن فى رغبة ساويرس استخدام الحزب والنواب ذراعا سياسية للدفاع عن مصالحه الاقتصادية، لاسيما أن الخلاف تأجج بين ساويرس والحزب بعد فشله فى الاستحواذ على صفقة سى آى كابيتال، التى كان ينافس فيها الدولة.

 

ما يؤكد أيضا أن حالة الوفاق ليست على مايرام هو الإعلان السريع عن بيع قنوات الـ«أون تى فى» التى كان يعتز بامتلاكها، لرجل الأعمال القريب جدا من الدولة أحمد أبوهشيمة، وتحويل سياستها الإعلامية، من قنوات إخبارية جادة، إلى قنوات منوعاتية ورياضية.

بداية الصفحة