أخبار مصر

بعد حكم حظر الإفتاء من غير المتخصصين.. علماء: يقضي على فوضى الفتاوى ومطلوب تشريع واضح وحاسم

كتب في : الأحد 27 يونيو 2021 - 6:04 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

حكم تاريخي جاء في وقت مواجهة الدولة للإرهاب والفكر المتطرف، وظاهرة انتشار مواقع دينية تفتقر إلى وجود الدعاة المتخصصين في الشأن الديني، حيث أصدر مجلس الدولة حكمًا تاريخيًا بحظر الإفتاء من غير المتخصصين لمواجهة دعاة الإرهاب وفوضى الإفتاء، وحظر اعتلاء المنابر من غير الحاصلين على ترخيص من الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف بحسب الأحوال.

ونص الحكم القضائي، أنه لا يجوز مطلقا استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية، لما في ذلك من تعارض مع قدسية المسجد والإضرار بالمصالح العليا للبلاد، فاحترام حرمة المساجد أمر واجب، ولا يصح أن تكون بيوت الله محلا للزج بها في الخلافات التي تنشب بين التيارات الدينية المتصارعة على أمور لا ترقى إلى جلال المساجد ورسالتها المضيئة بما يؤدي إلى انقسام الأمة أو بث روح البغضاء، فالمسجد له من السمو والقدسية لتجميع المسلمين لا تفريقهم، ولم شمل الأمة بشعب الإيمان والفضائل لأداء حقوق الله والوطن واستلهام الرشد ما يجعله منزهًا عن كل دعوات التشدد أو الاستغلال السياسي باسم الدين .

واحتفى علماء الدين بحكم المحكمة، مؤكدين لـ "بوابة الأهرام"، أن الحكم سيحد كثيرًا من انتشار ظاهرة اعتلاء المنابر من غير المتخصصين، الذين يفتون بغير علم أو دليل من القرآن والسنة، فالإفتاء يجب أن تقتصر شرعًا على العلماء والمتخصصين من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، لاسيما أن العلوم الشرعية لا يدركها كل من يظن نفسه يعرف في أصول الدين، بل لابد أن يتوافر فيه عدة شروط ليعتلي المنبر أو يصدر الفتوى.

هدم محاولات الكيانات الإرهابية

الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، يؤكد أن العمل الإفتائي تخصصي، ويعد نوعًا من أنواع الدعوة الإسلامية، والأزهر الشريف المنوط فقط بالعمل الإفتائي، فوفقًا للدستور فإن مشيخة الأزهر وحدها هي المسئولة عن الشئون الإسلامية.

ويوضح "كريمة"، أنه منذ السبعينيات تم استخدام الكيانات الوهابية الإسلامية لسحب البساط من الأزهر الشريف، مشددًا أن الكيانات الوهابية والإخوان وجهان لعملة واحدة، وتم إنشاء حوالي 12 قناة لشيوخ وهابية في السنوات الماضية قبل ثورة 25 يناير، ولكن الرئيس السيسي أنقذ الإسلام والمسيحية ومصر كلها من الإرهاب.

ويضيف أن الأزهر الشريف هو المسئول عن الشئون الإسلامية، والمخالف بالتصدي للفتوى، يجب أن يواجه تهمة ازدراء الإسلام، فالإفتاء تخصص وليس كل خريج أزهر يصلح للإفتاء، لذا كان لابد من منع أئمة المساجد غير المتخصصين من الفتوى، وقصر الإفتاء على المتخصصين فقط، لأن إفتاء غير المتخصصين تسبب في حدوث فوضى للفتاوى، فآن الأوان لكسر أيدي الإخوان.

الهيئات المختصة بالإفتاء

فيما أوضح محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الجهات المنوط بها الفتوى هي دار الإفتاء المصرية، ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، فأعضاء الجهات الثلاث مؤهلين جيدًا ولديهم تراخيص للفتوى، ويجب الرجوع في الفتاوي لأهل الاختصاص المنوط بها إصدار الفتاوى وليس أي شخص.

ويشدد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن كثرة الفتاوى على السوشيال ميديا يسبب فتنة وبلبلة، حيث إن بعض المشايخ يفرضون وصاية على الناس، ومنهم من يريد جمع متابعين على السوشيال ميديا فقط، وهذا لا يجوز في الدين، فمجرد الدراسة بالأزهر لمدة 4 سنوات لا تجعل الشخص كفيلا بالفتوى، ولابد من إصدار قانون لتقنين الفتوى لوقف فوضى الفتاوى التي تعد جرمًا في حق المجتمع.

مشروع قانون لحظر الإفتاء من غير المتخصصين

 وبالتزامن مع حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بشأن حظر الإفتاء من غير المتخصصين، يعكف النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على إعداد مشروع قانون لحظر الإفتاء من غير المتخصصين وتنظيم مهنة الإفتاء، والذي أشاد بهذا الحكم واصفًا إياه بأنه حكم تاريخي وأصبح نهائيًا وباتًا.

وأكد أن هذا الحكم جاء في الوقت الذي تواجه فيه مصر والمجتمعات العربية ظاهرة خطيرة بانتشار المواقع الدينية وقنوات المتشددين والدعاة غير المتخصصين واستخدام السوشيال ميديا لوضع مفاهيم متطرفة تخالف مقاصد الشرع الحنيف، فتثير الفتنة في المجتمعات، وأيضًا عدم وجود تجريم عقابي على من يسيء استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو مالية، أو التصدي للإفتاء، مما يلقي بآثاره الخطيرة على الشباب وفي توجيه الفكر الديني من الاستقامة والوسطية، إلى التشدد والتطرف والفتنة.

ضرورة التدخل التشريعي

كما أشار إلى أن التدخل التشريعي أصبح أمرًا ضروريًا وعاجلًا بعد هذا الحكم، لمنع غير المتخصصين في مجال الدعوة بالتحدث عن الأمور الدينية، خاصة أن البلاد تعاني في الآونة الأخيرة من المتحدثين باسم الدين والذين يصدرون الفتاوى في الأمور الدينية وهم غير أهل لها، حيث لا يقومون بدراسة الفقه الإسلامي وأمور الدين، الأمر الذي يتسبب غالبًا في خروج فتاوي تسبب الفتن.

وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن مهنة الإفتاء من أخطر وأهم المهن، لأن هناك من يستغلون الدين لأغراضهم الخاصة ويحدثون البلبلة والفتن الكبيرة داخل المجتمع، مشددًا على أن مشروع القانون يهدف إلى تنظيم هذه المهنة مع وضع الشروط والقواعد التي تحدد عمل من يقومون بهذه المهنة، مع ضرورة الحصول على رخصة من الجهات المختصة، خاصة أن هناك بعض من يقومون بالإفتاء على عدد من القنوات الفضائية، وهم ليست لديهم الخبرات والمؤهلات العلمية الخاصة بالإفتاء.

عقوبة المخالف

وأوضح أن مشروع القانون الذي سيتقدم به خلال أيام سوف يتضمن عقوبات مشددة تصل إلى غرامات مالية كبيرة، والحبس لكل من يخالف أحكامه للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأمن والسلام الاجتماعي، خاصة بعد إساءة البعض في استخدامها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا.

مبادئ حكم حظر الإفتاء من غير المتخصصين

وأكدت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بمحافظة البحيرة، عشرة مبادئ مهمة في حكم حظر الإفتاء من غير المتخصصين، وهي:

  1. الفتاوى لغير المتخصصين واتخاذهم السوشيال ميديا كمنابر ترتب أثارًا خطيرة سيئة على الأجيال الحالية واللاحقة.
  2. التجارب المريرة التي عاشها الوطن من استخدام منابر المساجد والزوايا لاستغلال البسطاء بثت روح الفتنة والعنف.
  3. المحكمة تحدد للمجتهد شروطًا للصحة، والإفتاء بالغ الدقة في الفقه الإسلامي فلا يمارسه العوام.
  4. قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها، فلا يجوز الإفتاء بغير شروط.
  5. المشرع لم يضع تعريفًا للمجتهد، ويوجد فراغ تشريعي وليس شرعيًا لتنظيم عملية الإفتاء في المجتمع المصري.
  6. قرار ممارسة الخطابة الصادر في 2-14 خلا من تجريم استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية.
  7. مستجدات العصر في المسائل الخلافية بحاجة إلى اجتهاد جماعي وليس فرديًا فلا ينفرد بها فقيه واحد.
  8. الجماعات الإرهابية تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منابر للإضرار بالدولة ويجب استنهاض همة المشرع للتجريم.
  9. شرور فتاوى منابر الزوايا والسوشيال ميديا دعاة التطرف تستغل الدين سعيًا للسلطة أو جلبًا للمال.
  10. توصم الدعوة بالضلال والظلام يصيب المجتمع من خلل وتفكيك واضطراب وفوضى لا يعلم مداها.

بداية الصفحة