عالم

عامان من الإبادة.. إسرائيل تخسر التعاطف الدولي بعد عدوان غزة

كتب في : الثلاثاء 07 اكتوبر 2025 - 4:27 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

أدت "حرب الإبادة" التي يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ أكتوبر 2023، إلى مواجهة إسرائيل "عزلة دولية" لم تعرفها منذ نشأتها، في حين يتسع التضامن العالمي مع الفلسطينيين في إنهاء الاحتلال، واسترداد حقوقهم المسلوبة، بإقامة دولتهم المستقلة على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وفقا لما ذكرته القاهرة الإخبارية في تقرير لها.

حصلت إسرائيل على تعاطف دولي كبير بعد هجمات الفصائل على المستوطنات في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر 2023، لكن هذا الدعم المؤقت سرعان ما تحول إلى هجوم كبير حتى من أقرب حلفاء إسرائيل بعد استمرار الحرب على غزة، واستشهاد آلاف المدنيين في القطاع، الغالبية العظمى منهم أطفال، وهو الأمر الذي أضر بمصالح إسرائيل الدولية طويلة المدى.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت 67 ألفًا و173 شهيدًا، و169 ألفًا و780 جريحًا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيًا بينهم 154 طفلًا.

وشهد العام الثاني من الحرب الإسرائيلية على غزة موجة غير مسبوقة من العزلة لإسرائيل، والتي تحولت من مجرد إدانات سياسية إلى عقوبات اقتصادية، مما يذكر بحقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وفق تقرير لشبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.

وأدت الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة إلى تصاعد الضغوط العالمية، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، كما تمت مقاطعتها في مجالات متعددة، لدرجة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر عن مخاوفه حيال تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل في بلاده.

ازدادت إسرائيل عزلة على الساحة العالمية مع استمرار الحرب والأزمة الإنسانية في غزة، حيث تسربت ردود الفعل العنيفة إلى المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية، لتتصاعد حدة الإدانة الدولية منذ أن أعلنت تل أبيب عن هجوم بري على مدينة غزة، وشنت غارة غير مسبوقة على قيادة حماس في الأراضي القطرية.

وتزامن ذلك مع ما خلص إليه تحقيق مستقل للأمم المتحدة، حيث أكد لأول مرة أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وهي نتيجة تعكس نتائج خبراء آخرين في جرائم الإبادة الجماعية ومنظمات حقوق الإنسان.

وفي أوضح مثال على عزلتها، اقترح الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، فرض عقوبات من شأنها تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب جزئيًا، في حال موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد عليها في وقت لاحق، كما طبقت عدة دول غربية بالفعل عقوبات محددة ضد أفراد إسرائيليين، وبؤر استيطانية، ومنظمات تدعم العنف في الضفة الغربية المحتلة.

وفي أغسطس، أعلن صندوق الثروة السيادية النرويجي، وهو الأكبر في العالم، أنه سيبيع أجزاء من محفظته الاستثمارية في إسرائيل بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، كما واجهت تل أبيب أيضًا حظرًا جزئيًا أو كاملًا على الأسلحة من فرنسا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى بسبب سلوكها في غزة.

صدى العزلة كان مسموعًا في تل أبيب، لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أقر به في سبتمبر الماضي، محذرًا من أن بلاده تواجه "نوعًا من العزلة" قد يستمر لسنوات. وأضاف أنه لا خيار أمامها سوى الاعتماد على نفسها.

وكان أوضح مثال على عزلة إسرائيل في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر الماضي، إذ اعترفت عدة دول غربية أخرى رسميًا بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك دول دبلوماسية ثقيلة مثل كندا وفرنسا والمملكة المتحدة.

ووجد تحليل جديد للتصويتات الرئيسية في الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرارات المتعلقة بالشؤون الإسرائيلية الفلسطينية بين عامي 2017 و2025، أجراه روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن بعض المدافعين عن إسرائيل منذ فترة طويلة "يتركون الحظيرة".

في سبتمبر، أدلى ترامب بتصريحات جريئة، كشف خلالها عن تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل، خاصة في الكونجرس والرأي العام، مما يعمق من عزلتها الدولية. وقال الرئيس الأمريكي: "فقدت سيطرتها الكاملة على الكونجرس"، مشيرًا إلى أن هذا التغيير بدأ منذ حوالي 15 عامًا، وأنه "مفاجئ قليلًا" أن إسرائيل لم تعد تمتلك لوبيًا قويًا كما كانت. واعترف ترامب أن إسرائيل تخسر "الحرب الإعلامية" بشأن غزة، مما يساهم في تراجع الدعم العام في الولايات المتحدة.

وفقًا لاستطلاعات رأي حديثة، انخفض الدعم الأمريكي لإسرائيل بشكل دراماتيكي، حيث يعارض غالبية الناخبين الأمريكيين إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية إلى إسرائيل، في تحول مذهل عن الرأي العام السابق، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

تلقّت إسرائيل أيضًا "مقاطعة" في مجال الترفيه والثقافة، إذ أعلنت هيئات البث في العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك أيرلندا وهولندا وإسبانيا، أنها ستقاطع مسابقة الأغنية الأوروبية المحبوبة إذا سمح لتل أبيب بالمشاركة في عام 2026.

في هوليوود، تعهد آلاف المخرجين والممثلين والعاملين في صناعة السينما بعدم العمل مع مؤسسات السينما الإسرائيلية "المتورطة في الإبادة الجماعية والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني". 

ومن بين الموقعين على التعهد أوليفيا كولمان، وإيما ستون، وأندرو جارفيلد، وهانا أينبيندر، التي تصدرت عناوين الصحف مؤخرًا بحيث اختتمت خطاب قبولها جائزة إيمي بعبارة "حرروا فلسطين".

أكد موقع "واللا" الإسرائيلي أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، كانت عاملًا مركزيًا في منح الفلسطينيين، خصوصًا في غزة، مكاسب رمزية وسياسية دفعت ببعض الدول للاعتراف الفلسطيني كرد فعل على تطورات الصراع.

قال الموقع إن خطايا نتنياهو حولت التعاطف الدولي لهجوم وعزلة غير مسبوقة.

وأضاف أن النتيجة بعد عامين من الحرب هي تعاطف دولي غير مسبوق مع الفلسطينيين في غزة، وعزلة دولية دبلوماسية وسياسية واقتصادية لإسرائيل، ولم يعد هناك أي طرف يتعاطف مع إسرائيل سوى الولايات المتحدة.

وأوضح الموقع العبري أن خيارات نتنياهو وحكومته المتطرفة أصبحت محدودة للغاية أمام موجة الاعترافات والدفع الدولي نحو حل قائم على دولتين.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في وقت سابق، أن إسرائيل باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى مع مرور عامين على الحرب في غزة.

وأشارت الصحيفة في تقرير إلى أن الحرب على غزة أثارت رأيًا عالميًا يهدد مستقبل إسرائيل على المدى البعيد، ولفتت إلى أن الهجمات على غزة تجعل إسرائيل معزولة سياسيًا بشكل متزايد، مع وجود خطر فقدان دعم الغرب على المدى الطويل.

وأوضحت أن الغضب ضد إسرائيل امتد من العالم الإسلامي إلى أوروبا والولايات المتحدة، وثمة شريحة متزايدة من المجتمع الأمريكي تعارض الآن دعم واشنطن لإسرائيل، مشيرة إلى أن التراجع التدريجي في الدعم الدولي الذي حظيت به إسرائيل في الماضي، سيؤثر سلبًا على سمعة نتنياهو وخلفائه، وأفادت بأنه من المتوقع أن يكون دعم الجيل الجديد لغزة، من الجامعات الأمريكية إلى المدارس الثانوية الأوروبية، عاملًا حاسمًا في تشكيل تفكيرهم السياسي المستقبلي.

بداية الصفحة