عالم

حريق المتحف.. النيران تلتهم 'ذاكرة البرازيل'

كتب في : الثلاثاء 04 سبتمبر 2018 - 12:46 صباحاً بقلم : نادر مجاهد

بعد 200 عاما ظل خلالها المتحف الوطني في ريو دي جانيرو شامخا وسط المدينة البرازيلية الشهيرة، جاءت النيران، مساء الأمس، لتنهي قصة مركز ثقافي وتراثي ضم ما يقترب من 20 مليون قطعة آثار.

 

يُعتقد أن الحريق الهائل قد أدى إلى تدمير المتحف بالكامل، وفق وسائل الإعلام المحلية.

 

وقد تم تشييد المتحف قبل قرنين، ويضم المجموعات المميزة من بينها قطع أثرية مصرية، وأقدم حفرية بشرية عثر عليها في البرازيل.

 

ونشب الحريق بعد إغلاق المتحف، الأمس، وبالتالي لم ترد تقارير عن وقوع إصابات بشرية، لكن الخسارة التي لحقت بالعلوم والتاريخ والثقافة البرازيلية كانت فادحة بحسب المشرفين عليه.

 

وقالت إحدى المشرفات، وتدعى كريستيانا سيرخو: "كان أكبر متحف للتاريخ الطبيعي في أميركا اللاتينية، لدينا مجموعات لا تقدر بثمن"، فيما اعتبرت وزيرة الثقافة السابقة مارينا سيلفا أن ما حدث أشبه بـ"تدمير للذاكرة الجمعية للبرازيليين".

 

وفي سياق متصل، قال نائب مدير المتحف لويز دوارتي: "إنها كارثة لا تطاق. ضاع 200 عام من تراث هذا البلد، ومعها 200 عام من العلم والثقافة".

 

ولم يتضح على الفور كيف بدأ الحريق، في المتحف المرتبط بجامعة ريو دي جانيرو الاتحادية ووزارة التعليم، الذي جرت فيه عمليات صيانة في السنوات الأخيرة، فيما أشارت تقارير إلى أن رجال الإطفاء لم يكن لديهم المياه الكافية لمكافحة الحريق.

 

وقال روبرتو روباداي قائد فريق الإطفاء في ريو دي جانيرو، إن رجاله لا يملكون ما يكفي من المياه في بادئ الأمر، بسبب جفاف صنبورين مخصيين للإطفاء قرب المتحف، وأوضح أنه تم جلب بواسطة شاحنات من بحيرة قريبة.

 

وأكد المسؤول أن المتحف "بناء قديم فيه الكثير من المواد القابلة للاشتعال، مثل الخشب والوثائق الورقية وغيرها"، مما أدى إلى اتساع رقعة النيران بسرعة.

كنز ضائع من الآثار والتحف

 

ويضم المتحف مجموعات مميزة جلبها إلى البرازيل الأمير البرتغالي دوم بيدرو الأول، الذي أعلن استقلال المستعمرة البرتغالية، كما كان يحتوى على الكثير من القطع الأثرية المصرية واليونانية والرومانية، وأقدم حفرية بشرية في البرازيل وأميركا اللاتينية وعمرها 12 ألف عام.

 

كما يحتوي المتحف على حفريات لديناصورات وقطع من نيازك، تم العثور عليها في عام 1784.

 

ووصف رئيس البرازيل ميشيل تامر خسائر المتحف بأنها "لا تقدر بثمن"، مضيفا "إنه يوم مأساوي لعلم المتاحف في بلدنا. خسرنا 200 عام من البحث والمعرفة في العمل"، علما أن تامر قاد حملة التخفيض في ميزانية البحث العملي والتعليم كجزء من حملة تقشف أوسع.

 

وقال ماركو خوميز عالم الأنثروبولوجيا الرئيس الأسبق للوكالة البرازيلية للشعوب الأصلية: "نحن البرازيليون لدينا فقط 500 سنة من التاريخ. كان متحفنا الوطني يبلغ من العمر 200 عام وخسرنا إلى الأبد. مع ذلك علينا إعادة بناء متحفنا الوطني".

 

كارثة تتحملها الحكومة

 

من جهة أخرى، حمل نائب مدير المتحف لويز دوارتي الحكومة مسؤولية الكارثة، بسبب "فشلها في دعم المتحف والاعتناء به"، قائلا:  "بذلنا جهودا كبيرة مع حكومات مختلفة من أجل الحصول على الحد الأدنى من الموارد، للحفاظ على ما تم تدميره بالكامل الآن"، وأردف: "مشاعري مختلطة بين الغضب الشديد والرعب مما حدث".

 

وللمصادفة، كانت إدارة المتحف قد وقعت اتفاقية مع بنك التنمية التابع للحكومة البرازيلية، لتجهيزه بوسائل الوقاية من الحرائق، لكن الكارثة وقعت قبل تنفيذ الاتفاق.

 

واعتبر بعض البرازيليين الكارثة تعبيرا عن بقية أزمات بلادهم، من زيادة جرائم العنف لمعدلات مرعبة، وآثار الركود الاقتصادي الذي خلف أكثر من 12 مليون عاطل عن العمل.

بداية الصفحة