العالم العربى

خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب الموجه للشعب المغربي.

كتب في : الأحد 21 اغسطس 2022 - 5:16 مساءً بقلم : محمد سعيد المجاهد/المغرب

 

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مساء اليوم السبت20 غشت 2022،، خطابا ساميا إلى شعبه الوفي بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب.


  وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :
 

   " الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.


  شعبي العزيز،


  نخلد اليوم، ذكرى ثورة الملك والشعب المجيدة، التي شكلت مرحلة فاصلة، على درب تحقيق الاستقلال.

  كما جسدت عمق روابط المحبة والتعلق، بين ملك فضل المنفى، على المساومة بوحدة الوطن وسيادته؛ وشعب قدم تضحيات جسيمة، من أجل عودة ملكه الشرعي، واسترجاع الحرية والكرامة.

  وبنفس روح التضحية والتضامن، تم استكمال الوحدة الترابية، باسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة.


  شعبي العزيز،


  لقد تمكنا خلال السنوات الأخيرة، من تحقيق إنجازات كبيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة، بخصوص مغربية الصحراء.

  وهكذا، عبرت العديد من الدول الوازنة عن دعمها، وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

  فقد شكل الموقف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية حافزا حقيقيا، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات. كما نثمن الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا، التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته.

  وقد أسس هذا الموقف الإيجابي، لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية.

  وإن الموقف البناء من مبادرة الحكم الذاتي، لمجموعة من الدول الأوروبية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال، وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، سيساهم في فتح صفحة جديدة في علاقات الثقة، وتعزيز الشراكة النوعية، مع هذه البلدان الصديقة.

  وبموازاة مع هذا الدعم، قامت حوالي ثلاثين دولة، بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيدا لدعمها الصريح، للوحدة الترابية للمملكة، ولمغربية الصحراء.

  ولا يسعنا بهذه المناسبة، إلا أن نجدد عبارات التقدير، لإخواننا ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، وخاصة الأردن والبحرين والإمارات، وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة.

  كما نشكر باقي الدول العربية، التي أكدت باستمرار، دعمها لمغربية الصحراء، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن.

  ونود هنا، أن نعبر أيضا عن اعتزازنا بمواقف أشقائنا الأفارقة، حيث قامت حوالي 40 في المئة من الدول الإفريقية، تنتمي لخمس مجموعات جهوية، بفتح قنصليات في العيون والداخلة.

  وتشمل هذه الدينامية أيضا، دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث قامت العديد منها، بفتح قنصليات في الصحراء المغربية؛ وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي، ليشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة.

  وأمام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات، أوجه رسالة واضحة للجميع : إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.

  لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل.

  شعبي العزيز،

  يبقى حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء. هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء.

  ولايفوتني هنا، أن أوجه تحية إشادة وتقدير، لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين يبذلون كل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية، من مختلف المنابر والمواقع، التي يتواجدون بها.

  والمغرب والحمد لله، يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم.

  ويشكل مغاربة العالم حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم.

  ذلك أن قوة الروابط الانسانية، والاعتزاز بالانتماء للمغرب، لايقتصر فقط على الجيل الأول من المهاجرين؛ وإنما يتوارثه جيل عن جيل، ليصل إلى الجيلين الثالث والرابع.

  ولكن في المقابل، لابد أن نتساءل باستمرار : ماذا وفرنا لهم لتوطيد هذا الارتباط بالوطن؟ وهل الإطار التشريعي، والسياسات العمومية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم ؟ وهل المساطر الإدارية تتناسب مع ظروفهم ؟ وهل وفرنا لهم التأطير الديني والتربوي اللازم؟

بداية الصفحة