أخبار مصر

«الموت حاصرنا من كل اتجاه».. المصريون العائدون من أوكرانيا يروون تفاصيل أخطر اللحظات بعد اندلاع الحرب / صور

كتب في : السبت 05 مارس 2022 - 7:44 مساءً بقلم : آية مجاهد

 

بين عشية وضحاها، انقلبت الأوضاع في أوكرانيا رأسا على عقب، بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، حيث تحولت أوكرانيا التي يقطنها نحو 44 مليون مواطن - إلى ساحة للقتال، حيث خلفت الحرب تداعيات هائلة تسببت على أثرها  في نزوح الكثير من المواطنين من مختلف الجنسيات فرارا من طلقات النيران والدبابات والدماء التي ملأت الأرجاء، وانهارت الكثير من المباني والمؤسسات، وخلت المنازل من أصحابها. 

أوضاع مأساوية، عاشها نحو 6 آلاف مصري في أوكرانيا منذ اندلاع الحرب، كانت كفيلة أن تحول حياتهم إلى جحيم، بعدما تلاشت أحلامهم في الدراسة بالخارج عقب اضطرارهم للسفر والعودة إلى وطنهم وترك دراستهم ومتعلقاتهم خشية على حياتهم وفرارا من الحرب وويلاتها.

التقت بعض الصحف عددًا من المصريين العائدين من أوكرانيا فور عودتهم إلى وطنهم، للتعرف على أصعب اللحظات التي عاشوها في الحرب وأخطر المشاهد في رحلة الهروب من جحيم وويلات الحرب، وتفاصيل رحلة المعاناة من أوكرانيا عبورا على حدود البلدان المجاورة حتى الوصول إلى أرض الوطن.

عنان إحدى المصريات العائدات من أوكرانيا

 

صافرات الإنذار تدوي طوال الوقت
تجربة قاسية عاشتها، عنان عزت أمين محيي الدين، أثناء تواجدها على الأراضي الأوكرانية، وتقول: « عشت أصعب لحظات حياتي في أوكرانيا.. وكنت بشوف الموت أمامي يحاصرني في كل لحظة».

تكمل «عنان»، كنت أدرس في جامعة دينبرو في أوكرانيا في السنة الخامسة طب بشري، وكانت الأجواء هادئة ومستقرة تماما قبل اندلاع الحرب، وكنا نواصل دراستنا بشكل طبيعي حتى مع الأيام الأولى للحرب كنا نواظب على حضور الدراسة أون لاين، ولكن الأمور تغيرت تماما بعد بداية الحرب وتزايد التوتر والتصعيد، حيث شهدت المطارات الحربية عمليات قصف ناحية شرق أوكرانيا، وكانت الأوضاع خطيرة ومرعبة في تلك اللحظات، وكنت أخشى الخروج من المنزل خوفا على حياتي وبسبب صافرات الإنذار التي كانت تدوي طوال الوقت.

تقول عنان: «لم يكن أمامي أنا وزملائي سوى اتخاذ قرار بالرحيل والعودة إلى الوطن خشية على حياتنا.. وبالفعل حاولنا جمع ما نستطيع من متعلقاتنا وتوجهنا بأتوبيس إلى حدود رومانيا بعد التنسيق مع مسوؤلين بالسفارة المصرية» .

الحرب الروسية الأكروانية

 

السير مسافة 7 كيلو متر
وأضافت أن الرحلة كانت شاقة للغاية بسبب طول المسافة التي استغرقت نحو 20 ساعة متواصلة، وكانت اللحظة الأخطر والأصعب مع دخول القوات الروسية إلى حدود مدينة دينبرو التي أقيم فيها، فكنا مضطرين إلى السير مسافات طويلة وسط طلقات النيران التي لم تتوقف في أغلب الأرجاء، و«لكن المخاطرة كانت تستحق »– حسبما تقول.

تحكي "عنان"، أنها اضطررت هى وزملائها إلى السير لمسافة 7 كيلومتر في بعض الفترات أثناء رحلة الذهاب إلى الحدود الرومانية، وحينما وصلوا إلى رومانيا تم استقبالهم بصورة رائعة ، وقاموا بالحصول على الأختام اللازمة لاستكمال رحلة العودة، وتم توفير سكن مخصص انتظارا للطائرة التي ستتولى عملية الإجلاء في اليوم التالي.

تكمل عنان: "لم تدخر الأجهزة والمؤسسات المصرية جهدا معنا طوال الرحلة من دينبرو بأوكرانيا وصولا إلى أرض الوطن، ووجهت مناشدة للسلطات ووزارة التعليم العالي بضرورة تيسير الإجراءات لاستحضار الأوراق الخاصة بها بجامعات أوكرانيا من أجل حل مشكلة الدراسة بسبب الأوضاع التي تشهدها الدولة حاليا".

لم تخف "عنان" سعادتها بعودتها لأرض الوطن بعد رحلة المعاناة التي خاضتها من أوكرانيا وصولا إلى مصر.

الحرب الروسية الأكروانية

 

تخزين المأكولات.. وزحام حول الصيدليات والمحال التجارية 

مأساة أخرى يرويها أحمد عبدالعزيز، أحد العائدين من أوكرانيا، إذ يقول: « أنا من محافظة الشرقية وسافرت أوكرانيا لدراسة الطب، وكنت بدرس أسنان في الكورس الرابع ومقيم في مدينة دينبرو شرق أوكرانيا وكانت الأجواء هادئة للغاية حتى بدأت الحرب»

يكمل عبد العزيز: "عشت أنا وزملائي لحظات مرعبة ومخيفة مع بداية إطلاق النيران والقصف الجوي، كنت نائما واستيقظت على صوت إطلاق النيران في كل مكان، كانت النيران قريبة من المكان الذي أقيم فيه، وكانت تلك المرة التي أعيش فيها أجواء بتلك الصعوبة.. عشت حالة من الذعر والخوف أنا وزملائي الذين نقطن سويا.. كان شباك الغرفة يهتز من صوت النيران.. وكانت المحال التجارية والصيدليات تشهد زحاما كبيرا.. وكان الجميع يذهب لشراء السلع والمأكولات وتخزينها لأننا لم نكن نعلم متى تنتهي الحرب، وهل سنعود إلى أرض الوطن أم لا؟".

ويضيف: "كنا نتبع تعليمات السفارة المصرية في أوكرانيا والتنبيهات المستمرة التي تصل إلينا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وكان هناك تواصل دائم ومستمرة مع وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم للاطمئمان على أحوالنا وكذلك السفير المصري في روسيا، الذي حاول توفير الأجواء لنا ومساعدتنا للإجلاء عبر المعابر الروسية، كوننا نقيم في مدينة تبعد عن روسيا مسافة 5 ساعات فقط، ولكننا اخترنا الطريق الآمن خشية من المخاطرة بأوراحنا".

المصريون العائدون من أوكرانيا

 

يكمل: «تم توفير سيارات متوجهة إلى رومانيا، ودفعنا ما يقرب من 170 دولار للذهاب في رحلة من الشرق إلى الغرب لمدة 6 ساعات من أجل العبور إلى بر الأمان»، وأضاف: «كانت الرحلة شديدة وصعبة وقاسية للغاية وظللنا في حالة رعب طوال الطريق منذ الخروج من دينبرو حتى الوصول إلى العاصمة الرومانية بوخارست وبمجرد الوصول إلى بوخارست استقبلنا السفير المصري هناك، وقام بتيسير الإجراءات اللازمة تنفيذا لتوجيهات السلطات والأجهزة المصرية، وقامت السفارة المصرية في رومانيا بإحضار طائرة لنقل نحو 175 طالب على متنها».

رحلة أخرى من المعاناة عاشتها شروق عبد الحميد، إحدى الطالبات العائدات من أوكرانيا، والتي خاضت رحلة شاقة من خاركييف إلى رومانيا وصولا إلى أرض الوطن.

تقول شروق: « كنت أدرس في السنة الأولى طب بشري في جامعة كارازين في خاركوف بأوكرانيا وأقيم في المدينة نفسها التي تبعد مسافة قليلة عن الحدود الروسية».

تكمل شروق: «عشنا لحظات مرعبة وكان الموضوع صعب على الجميع .. حياتنا تغيرت تماما مع اندلاع الحرب.. لم نكن نأكل ونشرب وننام بشكل طبيعي.. كان الخوف يلازمنا طوال الوقت خاصة بعد ضرب بعض المباني المجاورة لنا»

وتضيف: أخذنا بعض متعلقاتنا وأموالنا لبدء رحلة العودة خصوصا مع تزايد التصعيد في أوكرانيا.. «ركبنا القطار من خاركوف لمدة 24 ساعة ثم انطلقنا في الرحلة إلى كييف ومنها لمدينة لفيف، وبعدها قمت أنا وزملاء لي بركوب أتوبيس للوصول إلى حدود رومانيا وكان هناك الاستقبال جيد للغاية وقدم لنا جميع المسؤولين بالسفارة المساعدة اللازمة حتى الوصول إلى مصر».

مي إحدى المصريات العائدات من أوكرانيا 

 

20 ساعة على حدود ملتهبة 
تجربة مي عبد الإمام الشافعي لا تختلف كثيرا عما سبقوها، إذ تقول: « كنت أدرس في السنة الثالثة طب بشري في خاركوف بأوكرانيا وكنا نعيش حياة هادئة حتى بدأت الحرب وكانت الأجواء ملتهبة للغاية ووجدنا الضرب يحاصرنا في كل اتجاه حتى أنني فوجئت بالضرب فى مكان السنتر، الذى كنت أتعلم فيه بعد أيام من مغادرتي المدينة ببضع ساعات».

تكمل «مي» – من محافظة المنيا وتبلغ من العمر 20 عاما- أنها قامت بدراسة اللغة الأوكرانية أول عام من الجامعة فقط، ولكن التعاملات مع الناس فى الشارع والمواصلات كانت تتم باللغة الروسية، وكنا حريصين على تخزين ما لدينا من سلع ومأكولات لأننا كنا ننتظر المجهول ولا نعلم مصيرنا وما ستسفر عنه الأحداث في المرحلة المقبلة.

الحرب الروسية الأكروانية

 

وأوضحت، أن السلطات المصرية وفرت كافة إمكانياتها لمساعدتنا في خطة الإجلاء من أوكرانيا حينما بدأت الحرب، حيث كان من الصعب توفير طيران بسبب إغلاق المجال الجوي، ولكن السفارة المصرية تواصلت مع السفارات البولندية والرومانية وتم فتح الحدود لنا، فقمنا بركوب قطار لمدة 20 ساعة من حاركييف حتى مدينة لفيف على الحدود الأوكرانية الرومانية، ثم قمت مع عدد من زملائي بركوب أتوبيس لمدة 8 ساعات، وكانت هناك توجيهات لحرس الحدود بمساعدة أي مواطن يحمل باسبور مصري للعبور بأمان، كما وفرت السلطات والسفارات المصرية خطوط لنا لطمأنة الأسر والأهالي. 

وناشدت "مي" وزارة التعليم العالي لحل أزمة دراستهم بعد تركهم الجامعة في أوكرانيا، سواء من خلال توفير فرص في الجامعات المصرية الحكومية أو الخاصة، أو من خلال استكمال الدراسة في بولندا أو رومانيا.
ووجهت مي الشكر للرئيس السيسي والسلطات المصرية على المجهودات التي بذلوها لتوفير الأمان للمصريين حتى عودتهم لأرض الوطن.

الحرب الروسية الأكروانية

 

الحرب الروسية الأكروانية

 

بداية الصفحة