العالم العربى

الضربة الأميركية.. ماذا حصل ليل الخميس الجمعة؟

كتب في : السبت 08 إبريل 2017 - 12:46 صباحاً بقلم : يارا طاهر العدل

شهد-امس انعطافة أميركية هامة في مسار الأزمة السورية، بدأت من أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك وانتهت في البحر الأبيض المتوسط حيث أطلقت مدمرتان أميركيتان عشرات الصواريخ على قاعدة جوية وسط حمص، تقول واشنطن إن منها انطلقت الطائرات السورية التي نفذت هجوما كيماويا في خان شيخون الثلاثاء الماضي.

وبعد وقت وجيز على الهجوم الكيماوي الذي أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، حرص الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ومسؤولو إدارته على الإعلان أن هذه الخطوة لن تمر دون معاقبة النظام السوري، كما حدث عام 2013 حين فشل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في محاسبته إثر هجمات كيماوية على غوطة دمشق.

 

وألقت واشنطن بالمسؤولية في هجوم خان شيخون على النظام السوري، وأطلق ترامب سلسة تصريحات غمز فيها من قناة سلفه، لا سيما حين قال، الأربعاء، إن النظام السوري"تجاوز خطوطا حمراء كثيرة" في إشارة إلى تهديد أوباما بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بغارات جوية إذا استخدم مثل هذه الأسلحة، إلا أنه اكتفى بعد هجوم الغوطة الكيماوي بالتوصل إلى صفقة مع دمشق برعاية روسية.

 

وفي وقت كان ترامب يلوح باللجوء إلى عمل عسكري للرد على "كيماوي الأسد"، بدأ وزير الدفاع الأميركي، جيم ماتيس، ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي، إتش.آر مكماستر، يجريان بالفعل محادثات بشأن الخيارات العسكرية، بالتوازي مع العمل الدبلوماسي الحثيث في أروقة مجلس الأمن في نيويورك لإصدار قرار يدين دمشق والضغط عليه لتتعاون مع محققين دوليين.

 

ومساء الخميس في توقيت نيويورك وفجر الجمعة في المنطقة العربية، تسارعت وتيرة المشاورات في مجلس الأمن حيث كانت روسيا تلوح باستخدام الفيتو لحماية حليفها السوري، في وقت كان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، يتوعد بـ"رد مناسب" على هجوم خان شيخون، معتبرا أنه لم يعد للأسد دور في حكم سوريا.

 

وفي ليلة واحدة، أجهضت التباينات بين روسيا والغرب ثلاثة مشاريع قرار في مجلس الأمن، بينما كان مسؤول في البنتاغون يسرب معلومات عن تواجد سفينتين حربيتين أميركيتين مزودتين بصواريخ توماهوك العابرة في مياه شرق المتوسط، في إشارة واضحة إلى أن الخيارات العسكرية باتت جاهزة للرد على العجز الدولي.

 

فقد قال دبلوماسي بريطاني إن مجلس الأمن قرر ألا يصوت مساء الخميس على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لإدانة الهجوم الكيماوي والضغط على سوريا لتتعاون مع محققين دوليين، إلا أن روسيا وصفت نص المشروع بأنه غير مقبول وتقدمت بمشروع قرار آخر لم يصل بدوره إلى مرحلة التصويت.

 

كما قدم الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن، الذي يضم 15 دولة، مشروع قرار ثالثا، استنادا إلى نص مشروع القرار الغربي في محاولة للتوصل إلى توافق، إلا أن مصيره كان مشابها لمصير القرارين السابقين، وهو ما دفع ترامب إلى حسم خياره وإعطاء الأمر أمر بشن ضربة جوية محددة على القاعدة الجوية التي انطلق منها الهجوم الكيماوي.

 

ومن شرق المتوسط، أطلقت من المدمرتين "يو.أس.أس.بورتر" و"يو.أس.أس.روس" 59 صاروخا موجها من طراز توماهوك، استهدفت مطار الشعيرات العسكري "المرتبط ببرنامج" الأسلحة الكيمياوية السوري و"المتصل مباشرة" بالأحداث "الرهيبة" التي حصلت صباح الثلاثاء في خان شيخون، وفق ما أعلن البنتاغون.

 

واستهدفت الصواريخ الأميركية "الطائرات، ومضادات الطائرات، ومخزونات النفط واللوجستيات، ومخابئ إمدادات الذخائر، وأنظمة الدفاع الجوي، والرادارات" وألحقت "أضرارا بالغة" في المطار العسكري و"دمرت الطائرات السورية والبنية التحتية والمعدات الداعمة"، كما أسفرت عن سقوط قتلى من الجيش السوري، بينهم ضباط.

 

وضربت الولايات المتحدة بعرض الحائط بتحذيرات روسيا، فقبل ساعات على الضربة كان نائب مبعوث روسيا بالأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف، حذر من "عواقب سلبية" إذا شنت واشنطن ضربات عسكرية على سوريا بسبب الهجوم بالغاز السام، لتوجه بذلك رسالة واضحة إلى موسكو أن "زمن ترامب" يختلف عن "زمن أوباما".

 

وسارع ترامب إلى توجيه خطاب إلى "الأمة الأميركية" بعد الضربة، قال فيها "يوم الثلاثاء، شن الديكتاتور السوري بشار الأسد هجوما مروعا بأسلحة كيميائية على مدنيين أبرياء". "باستخدام غاز الأعصاب القاتل، انتزع الأسد أرواح رجال ونساء وأطفال لا حول لهم ولا قوة. كان موتا بطيئا ووحشيا بالنسبة للكثيرين. حتى الأطفال الجميلون قتلوا بوحشية في هذا الهجوم الهمجي للغاية. لا يجب أن يعاني أي من أطفال الرب مثل هذا الرعب أبدا".

"الليلة أمرت بتنفيذ ضربة عسكرية محددة الهدف في سوريا على المطار الذي شن منه الهجوم الكيمياوي. إن من مصلحة الأمن القومي الحيوية للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيمياوية القاتلة". "ليس هناك ادنى شك في أن سوريا استخدمت اسلحة كيميائية محظورة وانتهكت التزاماتها المنصوص عليها في معاهدة الأسلحة الكيمياوية وتجاهلت دعوات مجلس الأمن الدولي".

بداية الصفحة