منحنيات جثة الوطن

كتب في : الأربعاء 16 ديسمبر 2015 بقلم : إبراهيم عارف
عدد المشاهدات: 4458

هل مرت بأحدكم لحظات عصيان نفسي و انهيار داخلي و مصادرة للعقل و فقدان للإنتماء و سجن للجسد و انعدام في الرؤية و فقدان في التقدير و عجز في الحيلة
هل مر بأحدكم تشويش للعواطف و خنق للروح وقمع للضمير و اعتصار للامل
هل مر باحدكم نسيان للقيم و انفلات في السيطرة و قسوة في النظرة و تعلق باللاوجود و تيه في المعتقد
هل مر بأحدكم لحظات عاني فيها من اقتراب الاجل و غرغرة الهدف و احتضار الفكر و هجر الحرمان
هل مر احدكم بإحدي حالات الهذيان و الانفصام في الشخصية واغتيال الطموح وهزيمة الاماني ووضع القيود في العنق
هل مر أحدكم بظلام يملأ النفوس
و ضيق في التنفس و غصة في الحلق و احتلال في الهزيمة و هزيمة في النفس
هل مر أحدكم بلحظات كان يملأ فيها الكون صخباً و ضجيجاً و سكن الجسد و همدت الأطراف و نامت الاسلحة بينما تري كل شيئ و تسمع كل شيئ و تدرك كل شيئ .. لا تحرك ساكناً
.. تجتهد فقط في ان يستمر تلاحق الانفاس 
انا مررت بكل هذا .. فقط عندما تذكرت اني لازلت اعيش هنا .. و تمر عليّ الأيام .. هنا .. لا أعرف عددها او كيف تمر .. و لا الي اي الاتجاهات تسير الحياة..
تحول النهار إلي ليل و الليل الي خوف .. و الغضب اللافح يملأ وجداني
.. انا .. مرت بي تلك اللحظات عندما انتهيت الي حواري الريف المصري اشاهد الجوع في العيون .. و لون الحزن يملأ الأنفاس الشاردة .. ابتسامات تخرج في حسرة و جنون تملأ فضاء الاجساد المنهارة
لا يسالني أحد عن السبب .. فأنا لا أعرفه .. هو لا يعرفني .. كان في قبضة يدي و هرب .. السبب هرب الي افق لا يعرفه الا السياسيون .. لا يعرفه الا الافاقون.. الذين يفتحون لانفسهم الف طريق وطريق بين منحنيات جثة الوطن .

بداية الصفحة