ما يحدث فى عالمنا العربى يجعلنا نعيش أيامًا سوداء كئيبة محملة بهواجس الموت،
حلب تحترق، هذه ليست مجرد كلمة نقولها أو بلاغة زائدة على الحد، نعبر بها عن أزمة، على العكس هذه الكلمة أقل من معناها الحقيقى ومما تحمله، والسؤال الذى يطرح نفسه: هل هناك علاقة بين ما يحدث فى حلب وأسبوع آلام السيد المسيح؟، وفى ظل غياب كل شىء عن القيم وعن الإنسانية، هل يمكن أن نتحدث عن أسبوع الآلام فى المدن السورية؟، نعم هناك تشابه كبير بين ما حدث للسيد المسيح، وما يحدث للإنسان السورى الذى يتآمر عليه الجميع، ويسلمونه للصليب على مدى أكثر من 5 سنوات، بلا ذنب سوى الجشع والطمع من كل الأطراف، هو أمر متشابه نوعًا ما فيما يتعلق بالظلم، وبرغبة الآخرين فى التدمير وبالوحشية التى لا تنتهى أبدًا من هذه الأرض.
إن ما يحدث فى عالمنا العربى يجعلنا نعيش أيامًا سوداء كئيبة محملة بهواجس الموت، والفارق الوحيد بين الحادثين أن المسيح بعد محنته استطاع أن يبث الفرحة فى قلوب تلاميذه ومحبيه، لكن الإنسان السورى لم نرَ حتى الآن أى مؤشرات تدل على انتهاء محنته، ففى كل يوم عذاب جديد، بينما رجال السياسة ورجال الكهنوت يواصلون تعنتهم، وليس فى نيتهم إنهاء هذه المجازر، فقد وصلوا لمرحلة من التوحش التى لا سبيل للعودة منها.
نعم هناك تشابه كبير بين المآسى الإنسانية، فحلب تحترق، والمسيح يُحاكم بلا بينة، ويُعذب على صليبه، والمصلون فى هذه المدينة المنكوبة يموتون تحت ركام المساجد المنهارة، والعالم يشاهد، ولا جديد، والمتعاطفون لا يملكون سوى الكلام، والمنددون لا يملكون سبيلًا حتى لإنقاذ طفل، وقادة العالم يشاهدون من على كراسى حكمهم، ويخوفون شعوبهم بما يحدث هناك، ويؤكدون دائمًا «نحن أو الفوضى».
المسيحيون يحتفلون بعيد القيامة، فكل سنة وهم طيبون، والمسيح يقوم ليصعد إلى ربه تاركًا فرح الحقيقة، وأطفال حلب تصعد أرواحهم إلى خالقها تشكو إليه ضياع الحق، والله يمهل الظالمين لكنه لن يهملهم، سيأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
5 سنوات تمر فيها أعياد المسلمين والمسيحيين على المهددين بالموت فى سوريا، ويحتفل العالم بشم النسيم، ويشاهد مباريات كرة القدم، بينما أطفال البلدان السورية يشاهدون بيوتهم تحترق، ويلمسون يتمهم بأيديهم.. إن الألم السورى تجاوز كل شىء، وكشف كيف يدار العالم بيد مجموعة من الدمويين وآكلى الحقوق.
وفى يوم عيد القيامة المجيد نتمنى من الله أن يتنزل برحمته فيرحم قلوب أمهات وأطفال سوريا، ويلقى بمحبته فى قلوب خلقه، ويمنح القوة للمستضعفين فى الأرض كى يقولوا قولتهم، فـ«من أفواه الأطفال والرضع يؤسس الله حمدًا وتسبيحًا يسكت العدو»