تقارير

«توحيد بلا صلاة أو حج وتقديس شعيب والخضر والنبي سبلان».. أغرب عقائد الموحدين الدروز

كتب في : الاثنين 21 يوليو 2025 - 1:31 صباحاً بقلم : المصرية للأخبار

 

الدروز هم طائفة دينية وعرقية عربية تعيش في الشرق الأوسط، وتتبع مذهب التوحيد الباطني، ولهم دور سياسي واجتماعي هام في المنطقة، ويُعرفون أيضاً باسم "الموحدون" نسبة إلى معتقداتهم التوحيدية، يتبعون مذهباً باطنياً مشتقاً من الإسماعيلية، وهي فرع من فروع الشيعة.

أولا - من هم الدروز؟

الدروز طائفة دينية، وهم أتباع مذهب التوحيد الذي يعتبرونه ديناً مستقلاً عن الإسلام، هم أتباع أبي محمد الدرزي وعلى الرغم من أن بعض الباحثين يرون أنه مشتق من الإسماعيلية.  

يتميز مذهبهم بالباطنية، أي التركيز على المعاني الروحية الباطنية للأمور الدينية، وليس على الظواهر والشعائر الخارجية فقط. 

يفضل الدروز تسمية أنفسهم بـ"الموحدون" بدلاً من "الدروز"، ويعتبرون أن اسم "دروز" أُطلق عليهم من قبل الآخرين. 

ثانيا - جذور الدروز:

تعود جذور الدروز التاريخية  إلى عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وعلى يد محمد بن إسماعيل الدرزي نسبة إلى أولاد درزة أي صانعي الثياب الذي هاجر إلى الشام، واشتهرت الطائفة باسمه.

وينفي دروز نسبتهم إلى الدرزي ، قائلين إنهم لو نسبوا له لسميوا بـ"الدرزيون " وليس "الدروز"، وأن أصل تسمية الطائفة يعود إلى مبدأ "درز الدماغ" لاعتمادهم على العقل.

لكن المصادر التاريخية تؤكد أن المؤسس الفعلي للطائفة هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني، الذي يعتبر أحد مؤسسي مذهب الموحدين الدروز، والمؤلف الرئيسي للنصوص الدرزية.

وبدأ الدروز الدعوة لمذهبهم في الفترة ما بين عامي 1017-1020م، وامتدت حتى سنة 1043م، ليقفل بابه بعد ذلك، ويقتصر على معتنقي المذهب الأوائل وأبنائهم ومن يولد منهم، وصار ممنوعًا انضمام أي شخص للطائفة الدرزية إذا لم يولد في الأصل دُرزيا.

ورغم قلة عددهم كانت لهم مشاركات سياسية وعسكرية تاريخيًا، فقد ساعدوا الأيوبيين ومن بعدهم المماليك على مقاومة تقدم الصليبيين على الساحل اللبناني خلال الحروب الصليبية.

ثالثا ـ المعتقدات الدرزية: 

يحيط العقيدة الدروزية كثير من الغموض والسرية ،لأن مؤسسيها اختاروا عدم البوح بها وحصر معرفتها على دائرة ضيقة، وقيل "عدم تعليمها إلا لمن بلغ الأربعين سنة من أبناء الطائفة" رغم نفيّ بعضهم لها، ويقول البعض إن الدروز نشروا هذه الفكرة من أجل إثناء الناس عن سؤالهم عن دينهم، وهي فكرة مبنية على الاعتقاد بالتكتم.

وكل عقائدها مأخوذة عن الطائفة الإسماعيلية،وقد تأثرت العقيدة الدرزية بتيارات فلسفية ودينية متعددة ومن أصول مختلفة، ومن مبادئها السرية في نشر أفكارها. 

بالنسبة للصلاة عند الدروز تختلف عن الصلاة في الإسلام، فلا يوجد وقت محدد للصلاة، ويعتبرون طهارة القلب والفكر أهم من طهارة الجسد، لا يوجد وضوء ولا يؤدون الصلوات الخمس المفروضة في الإسلام ولا يصومون شهر رمضان، ولكنهم يصومون في أيام أخرى كالتسعة الأيام الأولى من ذي الحجة، بالتالي لا يلتزمون بالصلاة والصيام والحج. 

وليس لهم مساجد بل خلوات خاصة لا يدرى ما يجرى فيها،ولا يصومون إلا ما يقال عن الشيوخ العقَّل من صيام أيام غير رمضان، ولا يحجون إلى الكعبة، بل إلى خلوة فى بلدة "حاصبية" التابعة لبيروت، ويقال إنهم لا يقرون تعدد الزوجات ولا الرجعة فى الطلاق، ولا يورثون البنات.

ومن أهم معتقداتهم:

- السرية:

يمارس الدروز عقيدتهم بطريقة سرية، ولا يطلع على تفاصيلها إلا "العقال" رجال الدين. 

- التوحيد:

يعتقد الدروز بوحدانية الله، وأنه لا شريك له، وأنه منزه عن كل صفات الخلق. 

يعد ميثاق ولي الزمان هو مدخل ديانة التوحيد لدى الدروز وعهدهم الأبدي معها، وهو العهد أو القسم الذي به يصبح الدرزي درزيًا، وبإمامة حمزة وبرفض جميع الأديان والمذاهب والتبري منها، يختلف هذا الميثاق عمَّا يسبقه في الترتيب ضمن رسائل الحكمة اختلافًا جوهريًا ويٰعتقد أن من وضعه هو حمزة بن علي، ويعتقد الدروز أن هذا الميثاقَ أزليٌّ وأنه يتقمص مع روح الموحد حيث يؤمن الدروز بالتقمص، وأنّ من وقَّعَ على الميثاق في زمن الكشف بقيَ موحدًا ومُوَقِّعًا على الميثاق في جميع أجياله وحَيواتِه اللاَّحقةِ. 

ويتبع الدروز سبعة مبادئ أو واجبات أخلاقية تعتبر جوهر الإيمان.مبادئ الدروز السبعة علي نحو التالي:  

1- صدق اللسان.
2- حفظ الإخوان.
3- ترك عبادة العدَم والبهتان.
4- البراءة من الأبالسة والطغيان.
5- التوحيد لمولانا في كل عصر وزمان.
6- الرضى بفعل مولانا كيف ما كان. 
7- التسليم لأمر مولانا في السر والحدثان. 

- تأليه الحاكم بأمر الله:

يعتقد الدروز بحلول الله في شخص الحاكم بأمر الله (أحد الخلفاء الفاطميين)، وأنه إمام متجسد. 

- إيمانهم بتناسخ الأرواح:

يؤمن الدروز بتناسخ الأرواح، وأن الروح تنتقل من جسد إلى آخر بعد الموت. 

- التقية:

يؤمن الدروز بالقرآن الكريم، لكنهم يفسرونه تفسيرًا باطنيًا خاصا بهم، بعيدًا عن المعاني الواضحة في النص، كما يمارس الدروز التقية، وهي إخفاء المعتقدات الحقيقية عن الآخرين لأسباب تتعلق بالحفاظ على: 

- عصمة الأئمة:

يعتقد الدروز بعصمة أئمتهم، وأنهم معصومون من الخطأ والزلل، وأنهم يتلقون العلم والمعرفة من الله مباشرة.

- رسائل الحكمة:

يعتمد الدروز على مجموعة من الرسائل الدينية السرية المعروفة باسم "رسائل الحكمة"، والتي تتضمن تعاليمهم الأساسية. 

يفضل الدروز تسمية أنفسهم بـ"أهل التوحيد"، ويؤمنون بأنهم على صلة وثيقة بالأنبياء والرسل. 

يعتبرون النبي شعيب أحد أنبياءهم، ويحجون إلى مقامه في وادي الأردن. 

رابعًا - مجتمع الدروز:

يشكل الدروز مجتمعا عربيا يتحدثون اللغة العربية ويحافظون علي عاداتهم وتقاليدهم الخاصة. 

والمجتمع الدرزي مجتمع متماسك ومنغلق على نفسه. 

ومن النادر أن تجد درزي متزوج من خارج الطائفة، أو العكس،كما لا يجوز عندهم تعدد الزوجات، لذلك يمنع رجال الدين أو العقال التعدد لأن ذلك في نظرهم يضرب في مبدأ الإنصاف بين الجنسين. 

خامسا - مراتب الطائفة الدرزية:

وينقسم الدروز إلى  ثلاث مراتب علي نحو التالي:  

- المرتبة الأولى: طبقة رجال الدين الدارسين له والمحافظين عليه، وتعرف بالعُقّل. وتنقسم بدورها إلى ثلاثة أقسام: رؤساء أو عقلاء أو أجاويد، ويدعى رئيسهم شيخ العُقّل.

- المرتبة الثانية :الأجاويد، وهم المطلعون على تعاليم الدين والملتزمون بها.

- المرتبة الثالثة: فهم عامة الناس و"الجاهلون بالدين" والمنغمسون في الأمور الدنيوية لا الدينية.

سادساً - الاحتفالات والأعياد:

تتميز الديانة الدرزية بعدة أعياد ومناسبات دينية هامة، 

الأعياد الدينية الدرزية الرئيسية 

- عيد النبي شعيب:

يعتبر هذا العيد من أهم الأعياد لدى الدروز، ويحتفلون به في الفترة ما بين 25 و 28 أبريل من كل عام، في مقام النبي شعيب في حطين قرب طبريا. يزور الدروز خلال هذا العيد المقام، ويقيمون الصلوات والابتهالات، ويتبادلون التهاني والتبريكات. 

- عيد الأضحى:

يحتفل الدروز بعيد الأضحى المبارك، ويؤدون فيه بعض الطقوس الدينية والاجتماعية الخاصة بهم، مثل زيارة المقامات والاجتماع مع العائلة والأصدقاء. 

- عشيّة عيد النبي الخضر: وهي ليلة العيد التي تسبق عيد النبي الخضر، وتعد من الأعياد الاختيارية.

- عشيّة عيد النبي سبلان: وهي ليلة العيد التي تسبق عيد النبي سبلان، وتعد من الأعياد الاختيارية.

وتتميز الأعياد الدرزية بالعديد من الطقوس الخاصة، منها:

- زيارة المقامات:

يزور الدروز مقامات الأنبياء والأولياء الصالحين، مثل مقام النبي شعيب والخضر وسبلان، للتبرك والدعاء. 

- الصلوات والمناجاة:

يقيم الدروز الصلوات والمناجاة في الخلوات (أماكن العبادة) ويطلبون المغفرة والرحمة. 

- الاجتماعات العائلية:

يجتمع الدروز مع عائلاتهم وأصدقائهم لتبادل التهاني والتبريكات، وتناول الأطعمة الخاصة بهذه المناسبات. 

- الصدقات والخيرات:

يحرص الدروز على تقديم الصدقات والخيرات للفقراء والمحتاجين في الأعياد. 

تبادل التهاني والتبريكات:

يتبادل الدروز التهاني والتبريكات بعبارات مثل "زيارة مقبولة" و"عيد مبارك".

سابعا - أين يتواجد الدروز؟

ـ سوريا: يشكل الدروز غالبية السكان في محافظة السويداء، وهي المنطقة المعروفة باسم جبل الدروز. 

- لبنان: يتواجد الدروز في جبل لبنان، وهم يشكلون نسبة مهمة من السكان في هذا الجبل. 

- فلسطين: يتواجد الدروز في مناطق مختلفة في فلسطين المحتلة، مثل الجليل والكرمل. 

- الأردن: توجد مجتمعات درزية أصغر في الأردن.

ثامنا - أعلام الدروز:

من الشخصيات التاريخية المعروفة في الطائفة الدروزية الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأجدع، وبهاء الدين السموقي المعروف بالضيف.

وعلى المستوى السياسي سلطان باشا الأطرش قائد الثورة على الفرنسيين بسوريا في عشرينيات القرن الماضي، والأمير شكيب أرسلان، والزعيم السياسي اللبناني كمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، وابنه وليد جنبلاط، وطلال أرسلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني.

في النهاية على الرغم من أن الدروز يعتبرون أنفسهم مسلمين موحدين، إلا أنهم يختلفون عن المسلمين في كثير من المعتقدات والممارسات، ويتسم مذهب الدروز بالسرية، ولا يُسمح لغير المنتمين إليه بمعرفة تفاصيله.

كما تعتبر مسألة انتماء الدروز إلى الإسلام أو استقلالهم عنه مسألة خلافية بين العلماء والباحثين.

د. سليمان عباس البياضي

عضو اتحاد المؤرخين العرب 

 

د. سليمان عباس البياضي

د. سليمان عباس البياضي

بداية الصفحة