أخبار مصر

سائقات ' التاكسى الملاكي ' غزو نسائي لمهنة يحتكرها الرجال .

كتب في : الجمعة 11 ديسمبر 2020 - 9:41 مساءً بقلم : محمود العطار

من منا لا تذكر الفنانة عبلة كامل في فيلم «سيد العاطفي» عندما لعبت دور سائقة تاكسي ودفاعها عن نفسها ضد تطفل الزبائن وسخافتهم. ومع وجود شركات خاصة تنظم عمل سيارات الأجرة، لجأت العديد من السيدات

اللاتى تتراوح أعمارهن بين 30 إلى 45 عاما إلى العمل في هذه المهنة، وليست فقط حاجة العمل هي التي دفعتهن إلى خوض تلك التجربة، وإنما أيضا لشغل أوقات فراغهن بجانب مساعدة أزواجهن في زيادة دخل الأسرة. «التاكسي المودرن» عالم خاص دخلته النساء، نتعرف إليه في جولة مع كباتن مصر.

«تاكسي يا بيه.. تاكسي يا باشا.. أوصّلك منطقة إيه» هذه العبارات نسمعها دائما من سائقي التاكسي الرجال، ولكن الوضع مختلف تماما عندما تكون السائق امرأة، فتحكي الكابتن نجلاء السيد سائقة تاكسي، تبلغ من العمر ٤٠ عاما، حاصلة على ليسانس الآداب قسم المسرح، عن تجربتها قائلة: كنت أبحث عن عمل منذ فترة طويلة بجانب عملي في الفن، وبعد بحث طويل قررت أن أكون سائقة تاكسي، وما دفعني إلى اختيار هذه المهنة بالتحديد أنه بجانب الاحتياج المادي كان حبي الشديد للقيادة، فأرسلت بياناتي إلى شركات التاكسي الملاكي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت كابتن بإحدى الشركات منذ 3 سنوات.

وأضافت قائلة: هذا الأمر أفضل من العمل تحت مظلة فردية، لحسن المعاملة وسير الأمور التأمينية التي تضمن حق السائق «الكابتن» والراكب، وفي عملي لم أتعرض إلى أي مضايقات سواء من الرجال أو السيدات، ولا لأي نوع من التحرش، ولكن غالبا ما أسمع جملة الانبهار التي تتردد دائما من الزبائن «إيه ده هو إنتي متزوجة وبتشتغلي؟ أنت بتعملي كدة إزاي؟».

وتضيف نجلاء: العمل كسائقة يتطلب الهدوء والاتزان والتعامل مع الطريق بحنكة وصبر لكي لا أُصاب بالأمراض المزمنة.

وأشارت إلى أنها اشتغلت في المجال الفني ومثلت في العديد من المسرحيات والمسلسلات، وعملت عازفة «كمان» بإحدى المدارس، قائلة: أعزف على الكمان منذ كنت في سن السادسة ، ولكنني اكتشفت أن العمل كسائقة أفضل وألطف بكثير من التدريس.

وتؤكد قائلة: تعلمت الكثير من العمل كسائقة تاكسي، فأكثر ما يبهجني «الجدعنة» التي تصدر من الشباب الركاب حين تصطدم سيارتي بإحدى السيارات أو يحدث عطل بعجلات السيارة، فيبادرون بمساعدتي وعمل اللازم.

وتقول: من أكثر المواقف المحرجة التي تحدث لي عندما يضل الـ GBS الطريق ويضعني في مأزق مع الراكب حينها لا أدري ماذا أفعل.
 

فنانة وسائقة تاكسي

أما رشا محمد، ٣٨ عاما، وهي حاصلة على بكالوريوس هندسة وبكالوريوس المعهد العالي للسينما، ومؤسسة جروب»سائقات مصر» والتي تعمل بسيارتها الخاصة سائقة تاكسي، فقالت: جاءت لي فكرة تحويل سيارتي إلى تاكسي ملاكي من صديقة لي وجدتها تمارس المهنة نفسها لكي تستطيع دفع إيجار شقتها والوفاء بالتزاماتها لغياب العائل، مضيفة: هنا اتخذت القرار لأني مررت بظروف مالية صعبة، وفي بداية عملي كسائقة كنت أشعر بالخوف الشديد والقلق من معرفة أصدقائي أنني أعمل سائقة تاكسي لأن مهنتي الأساسية هي الفن.

وأكدت: ما شجعني أيضا على خوض هذه التجربة عشقي لقيادة السيارات منذ الصغر ومشاركتي في سباقات السيارات كهواية مفضلة لديّ، لذلك كان قراري الالتحاق بالعمل ضمن إحدى شركات سيارات «التاكسي»، ومن أهم مزاياها أنني أختار توقيت عملي بما يناسبني، فأختار العمل صباحا لتجنب تطفل الشباب. وأضافت: من الأمور التي تجنبني التحرش والمضايقات ارتدائي الملابس المناسبة، فشعاري البحث عن لقمة العيش خصوصا أن وضعي الاجتماعي جيد والمقربين فقط هم من يعرفون بعملي لأن شماتة الناس وأمراض المجتمع النفسية تدفعانني إلى عدم إخبارهم بأنني سائقة.

وتسترسل رشا قائلة: هناك بعض المواقف والتعليقات الطريفة التي أتعرض لها، منها على سبيل المثال عندما تغيرت بشرتي ومالت إلى الاسمرار نتيجة عملي المتواصل تحت أشعة الشمس فأصبح شكلي مختلفا عن صورتي الموجودة في التطبيق الخاص بالاتصال من قبل الزبائن، فجاء أحد الركاب وهو يفتح باب السيارة فبدأ ينظر لي بدهشة قائلا: «هو حضرتك رشا؟»، فقلت له «أيوه»، فقال لي «إنتي متأكدة ؟ أنتي واللا أختك؟»، فضحكت بشدة.

وهناك موقف آخر عندما وصل أحد الركاب فوجدني فتاة وإذا به يصيح باستغراب وتعجب شديد «ده بجد!، هو ده حقيقي! في حياتي أركب مع امرأة توصلني؟»، وظل يدعمني ويشد من أزري طوال الطريق أثناء توصيله.
 

تعليقات سخيفة
بالطبع لا تخلو مهنة سائقة من المضايقات والتعليقات السخيفة وهنا توضح رشا قائلة: أكثر التعليقات التي تأتي لنا من الرجال،«لما لقينا الكابتن سيدة كنت هلغي الرحلة لأن الستات مبتعرفش تسوق»، ولكن بمجرد انتهاء الرحلة يكونون سعداء ويشكرون في قيادتي ولا تخلو تعليقاتهم من «بتسوقي أشطر من الرجال».
وأضافت: نقابل نوعا آخر من الركاب الذين يعطونك أوامر وتوجيهات طوال الطريق، أما النوع السخيف فهو من نقابلهن من السيدات والفتيات اللاتي يعاملننا بازدراء وتظهر لديهن عقد النقص، وينظرن إليّ بحقد وغيرة من استقلالي واعتمادي على ذاتي، فيبدأن بإصدار الأوامر منها «افتحيلي التكييف».. «أغلقي الزجاج»، فذلك الأسلوب يضايقني لأنني أعمل للكسب بالحلال، وأجتهد لملء وقت فراغي والوفاء باحتياجاتي.

وقالت أيضا: من الأمور التي أفادتني بعد عملي في هذه المهنة أنني أصبحت على دراية تامة بكل الأعطال التي تحدث بالسيارة، وكل ما يفعله الرجال تفعله السيدات فلا يوجد مستحيل، خصوصا أن السيدات يمتزن بالهدوء ولديهن القدرة على اتخاذ القرار السريع، برغم من عاطفية المرأة فإننا في الأوقات العصيبة لدينا حسن تصرف كبير ومعالجة المشكلات بشكل أسرع.

أما عن سبب تأسيسها جروب «سائقات مصر»، فتقول: هو عدم وجود صفحة خاصة بالسيدات مثل الرجال، ورغبتي في طلب السيدات أن تكون السائقة امرأة، مثل بعض التطبيقات المخصصة للسيدات فقط، ولكن معظم الطلبات على الجروب يكون لتوصيل أبنائهن إلى المدارس لكنني أرفض ذلك لأنني لا أتحمل مسئولية طفل خصوصا أن الأمر يتطلب التقيد بمواعيد محددة ذهابا وإيابا.

 

تناكة السيدات

أما الكابتن نور محمد، 35 عاما، وهي حاصلة على ليسانس الحقوق، فتقول: كانت لدي حضانة خاصة بإحدى الدول العربية وحققت نجاحا كبيرا، وعندما عدُت إلى مصر، وجدت العمل في الحضانات صعبا للغاية لسوء معاملة الأمهات، مضيفة: من هنا فكرت في شراء سيارة وتشغيلها بإحدى الشركات لأنني تعرضت لصدمة بعدما أعطيت سيارتي لأحد الأشخاص للعمل بها، لكنه دمرها في حادثة، فأصلحت سيارتي وأصبحت أنا السائقة، وأشارت قائلة: لكن أكثر أمر يضايقني الاستعلاء الشديد الذي أقابله خصوصا من السيدات، لكن الرجال هم من يشجعونني على الاستمرار في هذه المهنة، لأن هدفي كان سداد أقساطي التي تراكمت عليّ.

وقالت: هناك بعض الاقتراحات التي تقدمت بها السيدات من تخصيص قائدات سيدات للفتيات والسيدات لتوصيلهن، وكان ذلك اقتراحا رائعا لكنه ما زال تحت الملاحظة والتطوير، خصوصا أن معظم الركاب من السيدات، أما الجنسيات الأخرى فطريقتهم لطيفة ولا يوجد أي مضايقات منهم.

وتحكي الكابتن سماح دياب، 34 عاما، دبلوم تجارة، وهي أم لثلاثة أطفال، قائلة: كنت أبحث عن عمل بجانب عملي الأساسي كسكرتيرة في عيادة طبيب أسنان، واخترت العمل سائقة تاكسي تحديدا لكي لا أتقيد بعدد ساعات محددة أو وقت معين، ولكي أزيد من دخلي قمت بشراء سيارة وما شجعني أكثر أن معظم من حولي يحتاجون إلى توصيل مستمر، أما عن المضايقات فتعرضت للكثير منها ولكني أستطيع تجاوزها، وبالطبع لا يخلو أي عمل من المضايقات.

 

بداية الصفحة