تقارير
فصول من كتاب الموتى.. السر الخفي في تابوت «ديريبو»

في قلب الدير البحري بطيبة، وبين كنوز خبيئة باب الجسس الشهيرة، يسطع تابوت "ديريبو" الآدمي كتحفة فنية نادرة من الأسرة الحادية والعشرين، يجسد مزيجًا من الإبداع الفني والإيمان العميق بالحياة الأبدية. يكشف هذا التابوت عن مكانة رفيعة لامرأة نبيلة حملت ألقابًا دينية واجتماعية مرموقة، أبرزها "سيدة المنزل" و"مغنية آمون رع، ملك الآلهة".
◄ جمال الصنعة ودقة الرمزية
يعد تابوت ديريبو أحد أروع النماذج الفنية التي خلفها المصريون القدماء في فترة عصر الانتقال الثالث، حيث يجمع بين جمال الصنعة ودقة الرمزية الدينية. ينتمي التابوت إلى ما يُعرف بالنمط "الأصفر"، وهو أسلوب زخرفي مميز ساد في تلك الحقبة، يتميز بالألوان الزاهية والنقوش الدقيقة التي تغطي كامل الأسطح الخارجية.

يتكون التابوت من ثلاثة عناصر رئيسية: تابوت خارجي فاخر مزخرف بمشاهد طقسية، وتابوت داخلي يعكس الخصوصية الشخصية للمتوفاة، ولوح مومياء يمثلها بكامل زينتها. تظهر ديريبو على اللوح بشعر مستعار كثيف تتدلى أطرافه المزينة بأشرطة من الخرز، بينما يتوّج رأسها إكليل من أزهار اللوتس رمز التجدد والبعث، وتكتمل أناقتها بأقراط مستديرة وقلادة عريضة تفيض بالألوان والتناغم.
◄ فصول من كتاب الموتى
وتروي النقوش والزخارف التي تكسو التابوت رحلة ديريبو المقدسة نحو العالم الآخر، إذ تُجسَّد على جوانبه فصول من كتاب الموتى، ومشاهد للمتوفاة وهي تقدم القرابين وتتعبد أمام آلهة عدة، أبرزهم آمون رع وأوزيريس وإيزيس، إلى جانب رموز تمائمية لا تُحصى وُضعت لحماية روحها وتأمين مرورها الآمن في العالم السفلي.
أما المواد المستخدمة في صناعة التابوت الخشب والجص والألوان الطبيعية فقد شكلت لوحة متكاملة تنبض بالحياة رغم مرور أكثر من ثلاثة آلاف عام، مما يجعل هذه القطعة شهادة خالدة على عمق العقيدة المصرية القديمة وإيمانها بالبعث والخلود.
يُعرض تابوت ديريبو في الرواق 46 العلوي، ليحكي لزوار المتحف المصري الكبير قصة امرأة نبيلة آمنت بأن الموت ليس نهاية، بل بداية جديدة في رحلة أبدية من النور والسلام.































































