تكنولوجيا وإتصالات
جوجل تكشف عن مدرب صحي شخصي مدعوم بالذكاء الاصطناعي داخل Fitbit

في حدث "صنعته جوجل" الذي كشفت فيه الشركة عن هاتف Pixel 10 وساعة Pixel Watch 4، كان هناك إعلان آخر لا يقل أهمية: إطلاق "مدرب صحي شخصي" جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي داخل تطبيق Fitbit.
الخدمة ستتوفر بنسخة تجريبية اعتبارًا من أكتوبر 2025، لمشتركي باقة Premium في الولايات المتحدة، بالتوازي مع إعادة تصميم شاملة للتطبيق لتقديم تجربة أكثر سلاسة وشمولية في تتبع الصحة واللياقة.
إعادة تصميم تطبيق Fitbit: واجهة أبسط وتجربة أكثر تخصيصًا
التغيير الأول الذي سيلاحظه مستخدمو Fitbit مع التحديث الجديد هو الواجهة. بدلاً من الأسلوب التقليدي المعتمد على القوائم، أصبح التطبيق يعرض أربع علامات تبويب رئيسية أسفل الشاشة: Today، وFitness، وSleep، وHealth. صفحة Today، وهي الصفحة الرئيسية، ما زالت تقدم إحصاءات يومية حول التقدم الصحي والنشاط، لكنها الآن قابلة للتخصيص بحيث يتمكن المستخدم من اختيار المقاييس الأكثر أهمية له.
تحت هذه المقاييس، يظهر موجز ديناميكي يضم التمارين القادمة، الأنشطة الأخيرة، وتقارير التقدم في بطاقات سهلة القراءة. جميع علامات التبويب الأربع تعتمد نفس الأسلوب البصري، حيث تأتي المعلومات الرئيسية في الأعلى بينما يُعرض المحتوى التفصيلي في بطاقات أسفلها.
جوجل تقول إنها استمعت لملاحظات المستخدمين، لذلك جلبت تحسينات مثل التخطيطات المبسطة، التصور الأكثر وضوحًا للبيانات، تسريع المزامنة بين الأجهزة، وأخيرًا دعم الوضع المظلم بشكل كامل. الألوان المألوفة لمستخدمي Fitbit، مثل الأرجواني للنوم والأزرق المخضر للخطوات، بقيت كما هي لكنها أصبحت جزءًا من تجربة مرئية أكثر تنظيمًا.
الجانب الأكثر لفتًا للانتباه هو إدماج مدرب صحي مدعوم بالذكاء الاصطناعي داخل التطبيق. جوجل توضح أن الهدف لم يكن إنشاء قسم منفصل للذكاء الاصطناعي، بل دمجه في صميم التجربة. ولهذا الغرض، يظهر زر "اسأل المدرب" العائم في جميع صفحات التطبيق، يفتح نافذة محادثة مع مساعد يعتمد على نماذج جيميني المتقدمة.
في أول استخدام للتطبيق الجديد، يُطلب من المستخدم التحدث مع المدرب ليحدد أهدافه، نوع التمارين المفضلة، الإصابات أو الحالات الطبية ذات الصلة، وحتى المعدات المتاحة له سواء في المنزل أو صالة الألعاب الرياضية. كل هذه المعلومات تُحفظ في "ملاحظات المدرب" داخل تبويب الصحة، مع حرية المستخدم في تعديلها أو حذفها متى شاء.
على سبيل المثال، إذا كان لديك دمبل وجهاز تجديف فقط، سيقوم المدرب ببناء خطة يومية وأسبوعية تتكيف مع هذه المعدات. وإذا أخبرته لاحقًا أنك ترغب في إضافة الجري إلى روتينك، فسيقوم بتحديث الخطة تلقائيًا. في العرض التجريبي، تمكّن أحد المدراء في جوجل من تعديل توصياته ببساطة عبر إبلاغ النظام بأنه يريد تحسين لياقته في الجري على الطرق الوعرة، لتظهر له توصيات جديدة تلائم هذا الهدف.
ميزة قوة هذا المدرب تكمن في التكيف مع الظروف المتغيرة. إذا كان يومك مزدحمًا بالعمل ولم تتمكن من النوم لساعات كافية، سيتعرف المدرب على ذلك ويعدل أهداف الكارديو أو يقترح تمارين أقل إجهادًا. وإذا أبلغت النظام بوجود ألم في الظهر، سيقدم تعديلات مناسبة على جدول التمارين. جوجل تؤكد أن النظام قادر على "عمليات تسجيل وتعديلات فورية" بناءً على البيانات اللحظية.
المدرب لا يقتصر على التمارين فقط، بل يراقب أنماط النوم أيضًا. بفضل خوارزميات جديدة، تقول جوجل إن التطبيق أصبح أكثر دقة في تحديد مراحل النوم ومدتها. المدرب يشارك المستخدم نصائح عملية مثل تحديد وقت نوم ثابت أو تقليل استخدام الأجهزة قبل النوم. وإذا لاحظ أنك تعاني من إرهاق السفر، سيقترح خطة نوم تساعدك على التكيف مع فارق التوقيت.
مع مرور الوقت، سيتكامل التطبيق مع مصادر بيانات أخرى عبر Health Connect وHealthKit، ليجمع مؤشرات مثل مستويات الجلوكوز أو وزن الجسم من الأجهزة الذكية المختلفة. الهدف هو تكوين صورة شاملة للصحة العامة، تجمع بين النشاط البدني، النوم، التغذية، وحتى الصحة العقلية في المستقبل.
هذا التوجه يعكس رؤية أوسع ترى أن الصحة لا تقتصر على عدد الخطوات أو معدل ضربات القلب، بل تشمل الراحة النفسية والدورة الشهرية واللياقة الذهنية. لذلك، من المتوقع أن يمتد دور المدرب إلى هذه الجوانب لاحقًا.
استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الصحة يحمل وعودًا كبيرة لكنه يثير أيضًا تساؤلات مشروعة. هل ستُحفظ بيانات المستخدم الحساسة بشكل آمن؟ وهل يمكن الاعتماد بالكامل على توصيات خوارزمية في قضايا قد تكون معقدة طبيًا؟
جوجل أكدت أنها تطور المدرب الصحي بالتعاون مع خبراء بارزين في الطب وعلوم السلوك، بالإضافة إلى فرق متخصصة في الذكاء الاصطناعي. ومن بين شركائها ستيفن كاري وفريقه المعني بالأداء، إضافة إلى لجنة استشارية للصحة تضم مجموعة متنوعة من الخبراء. الشركة شددت على أن المدرب ليس بديلاً عن الطبيب أو الأخصائي، بل أداة مساعدة تقدم رؤى شخصية مدعومة بالعلم.
كما توضح جوجل أن الخدمة تُطلق حاليًا كنسخة معاينة تجريبية، ما يتيح للمستخدمين المشاركة في تحسين التجربة والإسهام في تشكيل مستقبلها.
إعادة تصميم تطبيق Fitbit وإطلاق مدرب صحي مدعوم بالذكاء الاصطناعي يمثلان خطوة جديدة لجوجل نحو دمج التكنولوجيا مع العادات اليومية للمستخدمين. بدلاً من مجرد جمع البيانات وتقديمها في جداول ورسوم بيانية، تسعى الشركة لتحويل هذه البيانات إلى خطط عملية وتوصيات مخصصة تتكيف مع حياة كل مستخدم على حدة.
هذا التحول قد يغير الطريقة التي نتعامل بها مع أجهزتنا القابلة للارتداء، إذ تصبح أقرب إلى شريك صحي شخصي يتابع نشاطنا، نومنا، واحتياجاتنا، ويمنحنا إرشادات قابلة للتطبيق في الوقت المناسب. ومع أن هناك مخاوف تتعلق بالخصوصية والموثوقية، فإن التوجه نحو الذكاء الاصطناعي في الصحة يبدو أنه أصبح واقعًا لا مفر منه، وجوجل تضع نفسها في مقدمة هذا السباق.
بالنسبة لمن يرغبون في تجربة هذه المزايا، سيكون عليهم الاشتراك في Fitbit Premium، والتواجد في الولايات المتحدة، والتسجيل للحصول على إشعار عند توفر النسخة التجريبية في أكتوبر. وإذا نجحت التجربة، قد نرى مستقبلًا حيث يتحول تطبيق Fitbit من مجرد أداة للتتبع إلى مساعد صحي حقيقي قائم على الذكاء الاصطناعي.