حوادث

بعد إشادة ترامب.. كيف نجحت الداخلية في خفض معدلات الجريمة؟

كتب في : الاثنين 13 اكتوبر 2025 - 11:49 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

تُعد إشادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمستوى الأمن في مصر، خلال كلمته في قمة شرم الشيخ للسلام، انعكاسًا مباشرًا للتحسن الملحوظ الذي شهدته الدولة المصرية في مؤشرات الأمن العام، خلال السنوات الأخيرة، وهو تحسن لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة لاستراتيجية أمنية متكاملة وضعتها وزارة الداخلية، استنادًا إلى مفهوم شامل للأمن، لا يقتصر على الردع والمواجهة، بل يمتد إلى الوقاية، والتحليل الاستخباراتي، والتعاون المجتمعي.

منذ عام 2014، تبنت وزارة الداخلية نهجًا مؤسسيًا يستهدف إعادة بناء منظومة الأمن الداخلي على أسس علمية وتكنولوجية حديثة، حيث تم تطوير البنية المعلوماتية لقطاع الأمن العام، بحيث أصبح يعتمد على قواعد بيانات مركزية دقيقة تربط بين إدارات البحث الجنائي في مختلف المحافظات، ما مكن الأجهزة الأمنية من تتبع الأنشطة الإجرامية بسرعة وكفاءة.

 

 

◄ تطوير القدرات البشرية

 

كما توسعت الوزارة، وفقا للاستيراتيجية التي وضعها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، في استخدام أنظمة المراقبة الذكية بالكاميرات في المدن الكبرى والمناطق الحيوية، وخاصة في القاهرة والجيزة وشرم الشيخ والإسكندرية، ضمن مشروع «المدينة الآمنة»، الذي أتاح مراقبة الحركة العامة بشكل لحظي والحد من الجرائم قبل وقوعها.

وفي الوقت ذاته، أولت الوزارة اهتمامًا خاصًا بتطوير القدرات البشرية، عبر برامج تدريب متقدمة لضباط وأفراد الشرطة تركز على التحليل الجنائي الرقمي، ومهارات التواصل، وحقوق الإنسان، حيث ساهمت هذه البرامج في ترسيخ مفهوم جديد للأمن يقوم على «الشرطة في خدمة المواطن»، وليس فقط على فرض الانضباط بالقوة، وهو ما انعكس على تعزيز الثقة بين المواطن والجهاز الأمني، وبالتالي زيادة معدلات الإبلاغ عن الجرائم وتسهيل جهود الوقاية منها.

◄ مبادرات مجتمعية

 

إحدى الركائز الجوهرية في الحد من معدلات الجريمة، كانت تجفيف منابعها الاجتماعية والاقتصادية، حيث تعاونت وزارة الداخلية مع جهات حكومية أخرى مثل وزارة التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية في تنفيذ مبادرات مجتمعية تستهدف الشباب والفئات الأكثر عرضة، للانخراط في السلوك الإجرامي، عبر برامج توعية، وفرص عمل، ودعم نفسي واجتماعي، وبذلك لم تقتصر المواجهة على الجانب الأمني المباشر، بل امتدت لتشمل محاربة الأسباب العميقة للجريمة مثل البطالة والإدمان والتفكك الأسري.

كما اعتمدت الوزارة على سياسة الردع الاستباقي، من خلال تكثيف الوجود الأمني في الشوارع والميادين، وضبط الأسلحة غير المرخصة، وملاحقة العصابات المنظمة، حيث أظهرت البيانات الرسمية انخفاضًا ملحوظًا في معدلات جرائم القتل والسرقة بالإكراه خلال السنوات الأخيرة، في مقابل ارتفاع معدلات الضبط والكشف السريع للجناة، الأمر الذي عزز الشعور العام بالأمان.

 

◄ مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة

 

وعلى المستوى الدولي، شهدت الأجهزة الأمنية المصرية تعاونًا واسعًا مع وكالات الأمن العالمية في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتبادل المعلومات، مما ساهم في إحباط العديد من المخططات العابرة للحدود، وفي الوقت نفسه عزز صورة مصر كدولة مستقرة وآمنة قادرة على حماية مواطنيها وضيوفها.

 

هذا التعاون انعكس بشكل مباشر على ثقة المجتمع الدولي في المقصد السياحي المصري، وهو ما ألمح إليه ترامب حين اختار الإشادة بشرم الشيخ، المدينة التي تحولت إلى نموذج ناجح للأمن السياحي المستدام.

وتشير تقارير المؤسسات الدولية على أن معدل الجريمة في مصر من بين الأدنى في المنطقة، وهو ما يؤكده مؤشر الأمن والسلامة الصادر عن «نامبيو» لعام 2025، الذي صنف القاهرة ضمن أكثر العواصم أمانًا في الشرق الأوسط، ولم يأت هذا التراجع في الجريمة نتيجة الحملات الأمنية وحدها، بل هو نتاج منظومة شاملة تعمل على مدار الساعة لدمج التكنولوجيا، والتدريب، والعمل الميداني، في منظومة متكاملة تحت إشراف وزارة الداخلية.

◄ منظومة أمن وطنية

وبالتالي، إشادة الرئيس الأمريكي بمستوى الأمن في مصر ليست مجاملة دبلوماسية، بل قراءة موضوعية لواقع ميداني تغير جذريًا خلال العقد الأخير، حيث استطاعت وزارة الداخلية تحويل التحديات التي فرضتها فترات الاضطراب السابقة إلى دروس في الإدارة الأمنية الحديثة، ونجحت في تحقيق معادلة دقيقة بين حفظ الأمن واحترام القانون وحقوق الإنسان.

وبذلك، أصبحت التجربة المصرية نموذجًا في كيفية بناء منظومة أمن وطنية فاعلة وقادرة على التكيّف مع متغيرات العصر، بما يجعل الأمن في مصر ليس مجرد حالة مؤقتة، بل سياسة دولة راسخة تؤمن أن الاستقرار هو أساس التنمية والازدهار.

بداية الصفحة