عالم

انسحاب 'فاغنر' من مالي.. ضغط جزائري وخسائر ميدانية وتحولات في النفوذ الروسي بالساحل

كتب في : الأحد 08 يونيو 2025 - 10:30 صباحاً بقلم : المصرية للأخبار

 

أعلنت مجموعة فاغنر الروسية، رسميًا، انسحابها من مالي في بيان مقتضب، وصفت فيه مهمتها بـ”الناجحة”، بعد دعمها للجيش المالي في استعادة عدة مدن شمالية من الجماعات المسلحة. لكن خلف هذا البيان المطمئن، تخفي الوقائع سلسلة من الخسائر الميدانية، وضغوطًا إقليمية شديدة، كانت الجزائر في قلبها.

خروج تكتيكي أم اضطرار سياسي؟

بعيدًا عن اللغة الدبلوماسية، تشير مصادر جزائرية ودولية إلى أن قرار موسكو بسحب فاغنر لم يكن نابعًا من “نجاح المهمة”، كما ورد في البيان، بل نتيجة ضغوط متراكمة، أبرزها:

الرفض الجزائري القاطع لوجود قوات فاغنر على حدودها الجنوبية في شمال مالي، واعتبارها تهديدًا مباشرًا لـ”العمق الحيوي للجزائر”.

تصاعد الخسائر الميدانية في صفوف فاغنر، خاصة بعد كمائن قاتلة نفذتها جماعات موالية لتنظيم القاعدة مثل “كتائب ماسينا” و”أنصار الإسلام”.

فشل الاستراتيجية القتالية في إضعاف الجماعات المتطرفة، حيث وصلت عناصر من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إلى ضواحي العاصمة باماكو، واستولت على ثكنات وسلاح وأموال.

الجزائر اللاعب الخفي الذي قلب المعادلة

وكشفت عدة تقارير صحفية عن حراك دبلوماسي وعسكري مكثف قادته الجزائر منذ أكتوبر 2024 لإقناع موسكو بضرورة سحب فاغنر. وتمثلت أبرز المحطات في:

زيارة الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين إلى الجزائر في مايو 2025، بصفته مستشارًا عسكريًا لروسيا في إفريقيا، يُرجح أنه ناقش مستقبل “فيلق إفريقيا” ووراثة مهام فاغنر.

خمس لقاءات سياسية وأمنية بين موسكو والجزائر في أقل من عام، توجت بآلية مشاورات كل ثلاثة أشهر بين وزارات الدفاع والخارجي

تصريحات مباشرة من وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف برفض تحويل حركات سياسية (مثل حركات الأزواد) إلى “أهداف عسكرية”، واعتبار الحل العسكري في مالي “فاشلًا تم تجريبه 3 مرات”


الميدان ينهار: خسائر فاغنر وتسليم الأرض

في يوليو 2024، قُتل أكثر من 80 من عناصر فاغنر في كمين بمنطقة تينزواتين، على مقربة من الحدود الجزائرية، في واحدة من أعنف الهجمات على الإطلاق. وتعرضت قوافلهم لهجمات مماثلة قرب موبتي وغاو.

بحسب “لوموند” الفرنسية ووكالات دولية، فإن الجيش المالي يتراجع حاليًا في عدة مناطق، كما أن الجماعات الجهادية صارت تسيطر على أجزاء من الطرق السريعة ونقاط التفتيش.

 

روسيا تُعيد التموضع: فيلق إفريقيا يدخل المشهد

رغم الانسحاب، لم تغادر روسيا كليًا. فقد حلت قوة جديدة تُدعى “فيلق إفريقيا” محل فاغنر، وهي ذراع شبه نظامي لوزارة الدفاع الروسية. لكنها لا تُشارك مباشرة في القتال، بل تركز على التدريب والاستشارات، في محاولة للحفاظ على النفوذ الروسي دون استفزاز الجزائر أو المجتمع الدولي.


انسحاب اضطراري يخلّف فراغًا أمنيًا

الانسحاب لا يُعد نصرًا ولا نهاية اللعبة، بل هو تحول استراتيجي فرضته الجغرافيا السياسية والخسائر الميدانية. ويُخشى أن يترك هذا الانسحاب فراغًا قد تملؤه الجماعات المسلحة، في ظل ضعف الجيش المالي وغياب حل سياسي شامل يضمن استقرار البلاد

بداية الصفحة