كتاب وآراء

لعنة الغاز والنفط العربي

كتب في : الأربعاء 07 ديسمبر 2016 بقلم : مصطفي كمال الأمير

        مضت ٤٣عاما علي وقفة العرب النادرة والتاريخية بوقف تصدير النفط الي أمريكا ودول الغرب المؤيدة لإسرائيل أثناء حرب أكتوبر1973والوقفة الشجاعة للملك السعودي فيصل والشيخ زايد الرئيس الراحل المؤسس لدولة الامارات  ومقولته الشهيرة حينذاك ( النفط العربي ليس أغلي من الدم العربي )

لأنه منذ ظهور البترول بكميات تجارية في دول الخليج والعراق وليبيا والجزائر قبل مايزيد عن نصف قرن وحتي نضوبه المتوقع  في 2050 لمائة سنة تقريباً وهي بمثابة نقطة في بحرالتاريخ الممتد لآلاف السنين

فقد أصبح الغاز والنفط لعنة حقيقية ونقمَة علي العرب بدلا من أن يكون نعمة وسلاح وعامل قوة لهُم وثروة تستخدم لتنمية الموارد البشرية ولتحسين الأنتاج والصناعة والصحة والتعليم بأِعلاء قيمة الوقت وأتقان العمل

 ولكي نزرع ما نأكل ونشرب ونصنع ما نلبس ونسكُن ونركَب بدلا من ثقافة الأستهلاك والفساد

وللقضاء علي ثالوث البؤس من الفقر والجهل والمرض مع التخَلُف الذي يكبل المواطن بأتساع الوطن العربي "التي تزيد دوَلُه عن22 دولة حتي الآن "قابلة للزيادة بفعل التقسيم والحروب العرقية والحدودية (أكراد.أفارقة.عرب .أمازيغ) والقبلية.الدينية والمذهبية (شيعية وسنية.مسيحية وأسلام) مع إرهاب القاعدة وتنظيم داعش وجماعات التكفير

ولإتمام الحلقة الأخيرة من حرب الغرب التاريخية ضد العرب وفي ديارهم هذه المَرَة

فبعدما سقطت الأندلس قديما قبل ٥٥٠ عاماً ثم فلسطين حديثا في عام ١٩٤٨

 فالعرب يساقون الآن للسلخانة والمذبح للسقوط الأخير حتي آخر نقطة دم ونفط عربي

 

ولبيان مدي سفاهة دول النفط العربي نأخذ مثلا أيران فبعد

قيام الثورة الإسلامية ضد الشاه رضا بهلوي في 1979 وسقوط النظام الإمبراطوري القائم علي حرمان الشعب من عوائد النفط لصالح الأنجليز والأمريكان فقد تم بناء دولة قوية تواجه حيَل ودسائس الغرب بدءا من أستنزاف صدام حسين في الحرب مع أيران في حرب الخليج الأولي لثماني سنوات وماتبع ذلك من الملايين من الضحايا من القتلي والمُصابين وحرب تدمير ناقلات البترول بالخليج ودمار البلدين قبل حرب الكويت لعشر سنوات من الحصار في مسلسل الدَم والنفط والنار للعراق ثم ضرب ليبيا مُعَمرالقذافي ومَقتله مع ابناه وإستنزاف الجزائر في الإرهاب الدموي  للعشرية السوداء  بعد رفض الغرب فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية المنتخبة  ديموقراطياً

 

في تحليل مُبَسط لتكلفة أنتاج البترول بدأ من التنقيب والإستكشاف والحفر والتشغيل والتكرير والنقل والي صناعة البتروكيماويات نجدها كلها عقود لشركات أمريكية وغربية وخبراء وفنيين ومهندسين غربيين ومتوسط سعر برميل النفط 100$ أِلا أن تلك الشركات والعمالة الفنية تلتهم 50$منها أي مايوازي نصف العائد أما النصف الآخر فيودع في بنوك أمريكية لدفع عجلة الإقتصاد لبلاد العم سام !!

ولتشغيل مصانع السلاح الأمريكية في صفقات مريبة ومشبوهة لشراء أسلحة ليأكلها الصدأ وقبل أن تطلق طلقة ودانة واحدة بأتجاه العدو القِزم المُمسِك بتلابيب العملاق النائم أو المُغَيب في الوقت الذي يعاني المواطن تحت حد الكفاف من المأكل والملبس والسَكن والصحة والتعليم أوالموت جوعا في الصومال والسودان واليمن الذين أكلتهم نار الحروب  الأهلية

 

وماتبقي من ال100$ فيتم أهدارها علي موائد اللهو وشراء ناطحات السحاب والتُحف من متاجر أوروبا وأمريكا وأمرَكَة المشرق وفَرنسة المغرب العربي بالغزو الثقافي وحتي شراء أندية كرة القدم في أسبانيا وانجلترا وفرنسا وايطاليا وغيرها

بدلا من أن تستثمر تلك الأموال في مصارفها الشرعية لبناء مستقبل أفضل للبشَر والشعوب وللدعوة الإسلامية

لكن النتيجة أتت عكسية تماماً مع تورط السعودية حتي اذنيها في ليبيا وسوريا واليمن كذلك ايران 

وكما نري فأن النفط وبدلا من أن يكون حِصنَا منيعا لقوة العرب ليزيد وحدتهم بعد الإستقلال عن الإستعمار فقد أتي بنتيجة مَعكوسة فزادت أطماع الغرب فيهم ورسَخ وجود الدولة اليهودية وتسبب في أحتلال العراق وخراب ليبيا وتخريب سوريا وتقسيم السودان واليمن

وتحولت الدُوَل العربية الي مناطق نفوذ ومصالح للقوي العظمي والإقليمية والتي تتصارع علي رقعة الشطرنج الكبيرة فيما كان يعرف سابقا بالوطن العربي الكبير

بعد موت حُلم القومية العربية بموت الزعيم جمال عبد الناصر

وبعد أن أحترقنا بنار النفط في بلادنا بدلا من أن تضىء أنواره علينا وبعدما كان العرب منارة العالم أصبحوا مجرد محطة كبري للوقود لضخ النفط عصب الحياة الحديثة في العالم

 

والتي لم يأخذ منها العرب سوي قشورها والدليل هو سفرالقادرين للعلاج بالخارج وعشرات الآلاف من الدارسين العرب في الغرب بجميع المجالات لتعود القِلة منهم مشبعة بثقافة غربية دخيلة علي مجتمعاتهم الشرقية

ولابأس هنا من التذكير بضريبة الرِكاز في الإسلام وهي الخُمس لكل ماتحويه الأرض من موارد ومعادن ولنا أن نتخيل كيف كان يمكن لتلك الأموال الهائلة أذا أحسنت أدارتها من تغيير أفضل لحياة الشعوب المنسِية الخارجة عن حسابات الحُكام السفهاء الغير أمناء عليهم أو علي أوطانهم

وتاريخيا فأن خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز وخلال عامين فقط من الحُكم الرشيد بالعدل والتقوي كان لا يجد أحدا يحتاج للزكاة من الناس فأمر رِجَاله بنشر القمح علي رؤوس الجبال لكي تأكل الطيور

 

يعود الفضل في طفرة النفط بدول الخليج الي استقرار مصر السياسي وانتظام الملاحة في قناة السويس المصرية لعبور ناقلات النفط لدول الخليج منها واليها

مع توفير الحماية لهم من اطماع ايران وحتي العراق في حرب الكويت ١٩٩١

ولاننسي دعوة الملك الرحل عبدالله للسعوديين قبل عقدين عندما كان وليا للعهد بالتقشُف والعودة للجذور بعدما هبط  سعر برميل النفط لأقل من 10$ وبالإضافة لمبادرتي للأفراد بالتبرع بأجر يوم عمل من كل عام للدعوة فمن باب أولي للدول النفطية القيام بتخصيص عائد انتاج يوم من النفط كل عام (زكاة المال) للقضاء علي الجوع والفقر في الدول الإسلامية بكل أفريقيا وآسيا الصغري وفي خليج البنغال ودعم الأقليات المسلمة في الهند والصين والفلبين وبورما.ألخ وأيضا للدعوة والمساجد والمراكزالإسلامية في أوروبا وأستراليا والأمريكتين التي تصارع للبقاء لصعوبات هائلة في الدعم والتمويل

ولكي تتمكن من سداد نفقاتها والقيام بدورها الأساسي والمحوري بربط المغتربين وأبنائهم بالوطن ولنشر العلم والثقافة العربية وسماحة الدين الإسلامي الحنيف..

 

بداية الصفحة