أخبار عاجلة

ما لا تعرفه عن الصاغ صلاح سالم الرجل الذي سمي باسمه أشهر شارع في مصر

كتب في : الثلاثاء 01 اغسطس 2017 - 12:15 صباحاً بقلم : فريد عصام فريد

أثناء تشييع جثمان صلاح سالم ، كان عبد اللطيف بغدادي يقوم بإنشاء طريق الكورنيش، والطريق الجديد الذي التهم جزءًا من المقطم، وامتد في مدينة نصر الحالية‏, وعند وفاته أطلق اسم «صلاح سالم» على هذا الطريق الجديد الذي أصبح من أشهر شوارع مصر‏.‏
 
وُلد صلاح سالم عام 1920 في مدينة “سنكات” شرق السودان، حيث كان والده موظفا هناك، أمضى طفولته هناك، وتعلم في كتاتيب السودان، وهو الأخ الأصغر لجمال سالم عندما عاد إلى القاهرة مع والده تلقى تعليمه الابتدائي، ثم حصل على البكالوريا، وتخرج في الكلية الحربية سنة 1938 وهو في الـ 18 من عمره.
 تخرج سالم في كلية أركان الحرب سنة 1948، وشارك مع قوات الفدائيين التي كان يقودها الشهيد أحمد عبد العزيز، عُرف بأنه كان دائم ارتداء النظارات السوداء، واتصف بالشدة والحزم في أي قضية تخص الثورة.
 
تعرف على جمال عبد الناصر، الرئيس الراحل، أثناء حصاره في الفلوجة، وانضم إلى الضباط الأحرار، وكان عضوا في اللجنة التنفيذية لهذا التنظيم، وعندما قام الضباط الأحرار بحركتهم في يوليو 1952، كان صلاح في العريش، وسيطر على القوات الموجودة هناك، ساند صلاح سالم جمال عبد الناصر في صراعه مع الرئيس محمد نجيب على السلطة في أزمة مارس 1954 و تولى وزارة الإعلام «الإرشاد القومي» في الفترة من 18 يونيو 1953 إلى 7 أكتوبر 1958 واشتهر بعادة غريبة وهي ارتداء النظارة الشمسية طوال يومه، حتى أثناء حضوره لاجتماعات مجلس قيادة الثورة، وكذلك في منزله لسبب غير معروف حتى الآن.
صلاح سالم وملف السودان :
عهد إليه بملف السودان منذ بداية الثورة، للدخول في مفاوضات مع الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على السودان، وتم التوصل معهم إلى اتفاق 12 فبراير‏1953 الذي يقضي بتحديد فترة انتقالية يتوافر فيها للسودان الحكم الذاتي، وتأليف جمعية تأسيسية عن طريق الانتخاب تختار إما ارتباط السودان بمصر على أي صورة‏ أو الاستقلال التام والانفصال.
أثناء زيارته لقبيلة الدنكا، دعا شباب القبيلة الصاغ صلاح سالم ليرقص معهم رقصة الحرب فقام بالرقص معهم بعد أن خلع ملابسه فأطلقت الصحافة البريطانية لقب : الميجور الراقص على صلاح سالم بعد نشر هذا الخبر
سافر السودان في العام 1954 ليكون أول مسؤول مصري يصل إلي جنوب السودان ويقلدهم في عاداتهم التي كان أشهرها الرقص شبه عار‏، ومع ذلك لم ينجح في مهمته؛ حيث اختار السودانيون الاستقلال والانفصال عن مصر‏.‏ ولهذا قدم استقالته في‏ 31‏ أغسطس ‏1955‏ من منصب وزير الإرشاد القومي ‏«الإعلام»‏، وبعد فترة قصيرة عاد ثانية إلى منصبه الوزاري.
ويقول محمد صلاح سالم‏ نجل الصاغ صلاح عن علاقة والده بالسودان :
 
إحدي المجلات الإنجليزية اختارت والدي رجل العالم ذات مرة لأن صلاح سالم غير كثيرا في السودان‏,‏ وكانت الوسيلة الوحيدة التي استطاع أن يتقرب بها من السودانيين وأن يؤثر فيهم هو أن يكون واحدا منهم وأسأل السودانيين فلقد فوجئت في الفترة التي عملت فيها مع أحد رجال الأعمال المرموقين حين طلبني للغذاء مع وفد سوداني جاء للقائه حين قلت له‏:‏ أنا لا أعرف أحدا منهم‏,‏ فقال‏:‏ نعم ولكن أباءهم يعرفون والدك ويحتفظون بصوره حتي اليوم‏.‏
 
لقد استطاع والدي أن يخترق السودان وأن ينجح في مهمته ولا أزال احتفظ حتي اليوم بالصورة التي نشرتها المجلة الإنجليزية لأبي بالبنطال الداخلي وهو يرقص مثل أفلام طرزان وقد كتبوا تحته‏(‏ الميجور الراقص‏)‏ وقد كانت هذه الصورة سببا في إحساس الإنجليز بخطورته في السودان‏,‏ ورغم كره الإنجليز لأبي إلا أنهم اختاروه رجل العام‏,‏ وقد ولدت في إبريل‏/‏نيسان من عام‏1952‏ وأصبت بشلل الأطفال بعد عام وعرضوا علي أبي أن يرسلني إلي إنجلترا للعلاج‏,‏ فقال لهم‏:‏ أفضل أن يموت ابني ولا يعالج في إنجلترا‏.‏

 

خلافه مع عبد الناصر :
أما موقفه من العدوان الثلاثي، اقترح وقف القتال والاستسلام للسفير البريطاني، ويقول السيد سامي شرف، إن- صلاح سالم- قال للرئيس عبدالناصر: “أنا لو مكانك أسلم نفسى للسفير البريطاني” فقال له عبدالناصر: “أكيد انت سخن”، وقال لطبيبه الخاص أحمد ثروت: “شوف كده صلاح سخن ولاّ إيه” مع دخول عبدالحكيم عامر الذي تساءل فور دخوله عما يحدث فأخبره عبدالناصر فنظر إلى صلاح باندهاش وامتعاض فإذا به يقول لسامي شرف: “عندك أفرول زيادة؟” فرد شرف بنعم، فقال له صلاح “إطلع هاته” ثم قال لعبدالناصر “أنا رايح للمقاومة فى السويس”.
وفي مذكراته، وصف “سالم” مجلس قيادة الثورة، بأنه أسوء من الاحتلال البريطاني وقد دارات مذكراته في معظمها حول السودان وما دار من مفاوضات بشأنه سواء مع الإنجليز أو مع السودانيين أنفسهم حتى أعلن استقلال السودان.
 
وكان يرى “سالم” أن البلاد تدار بيد مجموعة من الشباب العسكريين عديمي الخبرة في الإدارة والحياة المدنية، وكل منهم يتسابق لجمع أكبر عدد ممكن من المصالح والسلطات بين يديه.
 رافق جمال عبد الناصر أثناء مشاركته في مؤتمر باندونج بإندونسيا في أبريل 1955، والذي تأسست فيه حركة عدم الانحياز، والتقطت صورة تجمعه بـ«عبد الناصر» ورئيس وزراء الهند جواهر نهرو.
 
ولم يتوقف الأمر عند المعارضة فقط، فحسب، بل وصل الأمر إلى حد القطيعة، فعندما اشتد مرض الكلى على “سالم”, التف حوله غالبية رفاقه في مجلس قيادة الثورة, وخففوا عنه آلام المرض إلا عبد الناصر, فقد ظل مقاطعًا, وبخاصة بعد أن نُقل إليه أن صلاح سالم تحدث مع زواره عن مساوئ عبد الناصر, ووجه نقدًا لاذعًا لقراراته, فاستشاط عبد الناصر غضبًا وقرر مقاطعته.

 

وعن خلافه مع ناصر يقول محمد صلاح سالم‏ نجل الصاغ صلاح :
نعم انقطعت العلاقة بين والدي وجمال عبد الناصر لمدة ثلاث سنوات وتحديدا في نوفمبر عام‏1955‏ وظل والدي في البيت لا يعمل حتي عام‏1958‏ وهو العام الذي بدأ المرض يزداد عليه‏,‏ وحدث أن جاء جمال عبد الناصر إلي بيتنا ليزوره وكانت أول مرة أقابل فيها عبد الناصر‏,‏ حيث كنت خارج البيت وعدت لأجد زحاما كبيرا عندنا فسلمت عليه وجئت بأوتوجراف وقلت له أكتب لي فيه يا عمي وكان عمري وقتها لا يزيد علي ست سنوات بعد ذلك رشح عبد الناصر والدي ليترأس مؤسسة‏(‏ دار الهلال‏)‏ ثم عينه رئيسا لمجلس إدارة جريدة‏(‏ الجمهورية‏)‏ ثم انتخب نقيبا للصحفين‏,‏ وظل في جريدة الجمهورية حت وفاته وهي آخر مناصبه‏,‏ أما أولها فكان وزيرا للإرشاد القومي‏,‏ التي تضم الثقافة والسياحة والإعلام‏,‏ وكان مع الوزارة مسئولا عن ملف السودان‏.‏
 حياته الأسرية :
قال إبنه محمد صلاح سالم : ” عاصرت والدي لعشر سنوات ذلك أنه حين توفي كان عمري لا يزيد علي عشر سنوات فذكرياتي ومعلوماتي استقيت أغلبها من أعمامي‏,‏ وبالأخص جمال سالم لأني قضيت فترة طويلة معه بصفة مستمرة فأتاح لي فرصة طويلة للحديث عن هذه المرحلة‏.‏
 
كان والدي حازما جدا في تربيتنا ولكنه كان حنونا جدا‏,‏ وكان دائما ما يطلب المثالية وأن تقدم له أحسن ما لديك وأذكر أنني حين كنت صغيرا كنت كثير السقوط علي الأرض بسبب إصابتي بالشلل فكان يتضايق مني جدا ويطالبني بأن أكون قويا وألا أكرر أخطائي‏.‏
 
وربيت أولادي بحب وحنان مثل أبي‏,‏ ولم أجعل بناتي يتجهن إلي العمل السياسي لأنهن بنات‏,‏ ولو كان عندي ابن ربما كنت وجهته وجهة سياسية لكن البنات لا يهتممن بمثل هذه الأمور‏,‏ وإن كن يعرفن كل شيء عن جدهن‏,‏ وقرأن وعرفن عن الثورة وابنتي الكبري درست التسويق والصغري الإعلام‏.‏
الصاغ صلاح سالم مع الملك فيصل الثاني ملك العراق الاسبق ورئيس وزرائه نوري السعيد وقد التقطت في مصيف سرسنك سنة 1954
أما زواج ابنتي من حفيد جمال عبد الناصر فهذا ليس لإعادة المياه إلي مجاريها فالمياه كانت قد عادت إلي مجاريها ثم إن عائلتي وعائلة عبد الناصر لم تتأثرا وفي النهاية هو اقتناع من الأولاد ونحن لا نتدخل في اختيارات قلوبهم‏.‏

 

مرضه و وفاته :
عانى في أيامه الأخيرة من الفشل الكلوي، وكانت مصر آنذاك لم تعرف أجهزة الغسيل الكلوي، فاضطر إلى السفر إلى الخارج لإجراء الغسيل. وتم استيراد أول جهاز للغسيل في مصر من أجله لم يغن الجهاز المستورد من الخارج المريض في شئ، وظل حبيسًا في مستشفى المعادي دون فائدة لغياب القدرة على التعامل مع تلك الأجهزة الحديثة .
 الرئيس جمال عبد الناصر أمام قبر صلاح سالم
في 18 فبراير 1962 رحل عن عالمنا عن عمر ناهز الـ42 سنة متأثرًا بمرضه، ليكون أول عضو يموت من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة وقد شيع جثمانه في جنازة مهيبة تقدمها جمال عبد الناصر وجميع زملائه والوزراء‏,‏ حيث بدأت الجنازة من جامع شركس بجوار وزارة الأوقاف الي ميدان إبراهيم باشا‏.‏ وهنا تجدر الإشارة إلى أن عبد اللطيف بغدادي وحينما كان يقوم بالانتهاء من أحد أعماله الانشائية العظيمة واشهرها طريق الكورنيش والطريق الجديد الذي استقطع جزءا من المقطم وامتد في أرض صحراوية أصبحت بعد ذلك مدينة نصر‏ ؛ قد تصادف مع موعد وفاة صالح سالم، فاطلق اسمه على هذا الطريق الطويل الذي أصبح من أشهر شوارع مصر.

 

بداية الصفحة