تكنولوجيا وإتصالات

هل يفقد يوتيوب روحه البشرية؟ المنصة تراهن على الذكاء الاصطناعي وسط جدل متصاعد

كتب في : الجمعة 04 يوليو 2025 - 2:19 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

يتغير وجه يوتيوب بوتيرة متسارعة، فبينما يسعى الكثير من المستخدمين إلى تجربة تصفح سلسة وعفوية، تمضي الشركة المملوكة لألفابت في اتجاه مغاير، إذ أعلنت مؤخرًا عن إطلاق ميزتين جديدتين مدعومتين بالذكاء الاصطناعي تهدفان إلى تسهيل البحث وتوفير تفاعل ذكي أثناء المشاهدة، لكن هذا التطوير لم يُقابل بترحيب جماعي، بل أثار نقاشًا واسعًا حول مستقبل المنصة ومدى تأثرها بزيادة الاعتماد على أنظمة توليد المحتوى الذكية.

ملخصات ذكية ودوّارات مقاطع تقترحها الآلة

الميزة الأولى التي تم الإعلان عنها تهدف إلى تعزيز وظيفة البحث داخل يوتيوب باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فعند البحث عن مواضيع معينة مثل "أفضل الشواطئ في هاواي"، سيعرض يوتيوب دوّارة (Carousel) تحتوي على مقاطع فيديو مختارة ترافقها ملخصات نصية تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

تقول الشركة إن هذه الميزة تسهل على المستخدمين استكشاف مواضيع مثل السفر والتسوق عبر اقتراحات مُنسقة تساعدهم في اتخاذ قرارات أسرع وأكثر تنظيمًا. لكن في المقابل، تشير يوتيوب في وثيقة الدعم الفني الخاصة بالميزة إلى أن "جودة ودقة النتائج قد تختلف"، مما يترك الباب مفتوحًا للتساؤل حول مدى موثوقية التوصيات والملخصات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.

حاليًا، يقتصر تفعيل هذه الخاصية على عدد عشوائي من المشتركين في خدمة YouTube Premium داخل الولايات المتحدة، وتتوفر باللغة الإنجليزية فقط.

الذكاء الاصطناعي الحواري يخرج من دائرة الاشتراك المدفوع

الميزة الثانية تتعلق بتوسيع نطاق أداة الذكاء الاصطناعي التفاعلي (المعروفة بالمساعد الحواري) التي كانت متاحة فقط لمشتركي يوتيوب بريميوم. الآن، ستتاح لبعض المستخدمين المجانيين داخل الولايات المتحدة، مما يتيح لهم طرح أسئلة على الذكاء الاصطناعي حول محتوى الفيديوهات أو طلب توصيات جديدة بشكل مباشر أثناء المشاهدة.

تشير تقارير إلى أن المستخدمين المدفوعين استخدموا هذه الأداة بشكل مكثف لطرح أسئلة سياقية، واستكشاف مواضيع أكاديمية، والحصول على ملخصات فورية. وتؤكد يوتيوب أنها تخطط لتوسيع هذه التجربة في المستقبل، في ظل توجه أوسع من جوجل وألفابت نحو إدماج النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) في كل خدماتها تقريبًا.

تدريب روبوتات الذكاء الاصطناعي باستخدام فيديوهات منشورة

في خطوة قد تثير قلق بعض صنّاع المحتوى، اعترفت يوتيوب مؤخرًا بأنها تستخدم مقاطع الفيديو المتاحة للعامة على منصتها في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي والمساعدات الحوارية التابعة لها. وتقول الشركة إن هذه الممارسة تعتبر "إجراءً معتادًا لتحسين الخدمات"، وإنها تتم وفقًا لاتفاقات مسبقة مع كبار شركاء المحتوى والمؤسسات الإعلامية.

لكن رغم ذلك، يبدي بعض المبدعين تحفظاتهم تجاه هذه السياسة، خاصةً في ظل انعدام الشفافية بشأن كيفية استخدام هذه البيانات لاحقًا، وما إذا كانت ستُوظف في توليد محتوى منافس أو التوسع في الاقتراحات التلقائية التي قد تُربك المستخدم أو تهمّش الفيديوهات الأصلية.

ردود فعل متباينة ومخاوف من "فوضى رقمية" تفسد متعة المشاهدة

مع تصاعد استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، باتت منصات مثل يوتيوب تسير على حافة رفيعة بين تقديم خدمات ذكية تسهل التصفح، وبين التورط في خلق تجربة مشوشة تطغى عليها التوصيات الآلية والتعليقات المُولدة من روبوتات.

يشكو بعض المستخدمين من أن نتائج البحث بدأت تفقد لمستها البشرية، وأن التوصيات أصبحت مكررة وغير دقيقة، كما أن التعليقات الآلية باتت تفسد النقاشات الطبيعية أسفل مقاطع الفيديو، وتحول المنصة إلى ما يشبه سوقًا رقمية مزدحمة بـ"ضجيج غير بشري".

وفي ظل هذه الموجة، يُطرح سؤال جوهري: هل تسير يوتيوب نحو مستقبل أكثر ذكاءً وراحة، أم أنها تنجرف نحو فوضى رقمية تفقد فيها المنصة بريقها الإنساني وتفاعلها العفوي؟ الجواب قد يتوقف على مدى وعي المستخدمين، واستجابة المنصة لملاحظاتهم المتزايدة.

بداية الصفحة