رياضه
قبل لقاء السحاب بين تشيلسي وباريس سان جيرمان في نهائي مونديال الأندية

◄ السامبا تستعيد كبرياءها وتكتب التاريخ وتصعق الفيفا
حينما أقيمت قرعة نسخة كأس العالم للأندية الاستثنائية بـ32 فريقًا، لم يكن هناك توقعات بمفاجآت كثيرة، الأقوى من حيث الإمكانات المادية والشعبية والفنية هو الأكثر ترشيحًا، وترسيخًا لهذا المبدأ كان الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» قد اختار أكبر عدد من المقاعد لصالح الأقوى، المملكة الأوروبية لكرة القدم -إن صح التعبير- الفرق الأوروبية منذ تطبيق الاحتراف بشكل قوي ومنتشر، وهى الأكثر تواجدًا على الساحة العالمية بين جميع فرق قارات العالم، وبات الأمر بمثابة العُرف المتداول لجميع مشجعي العالم، خاصة في آخر عقدين من الزمان.
بالعودة للمونديال الجاري في الولايات المتحدة الأمريكية والذي ينتظر كلمة النهاية في مباراة السحاب فى النهائي بين تشيلسي وباريس سان جيرمان بعد غدٍ، فإن الفيفا قد اختار منذ بدايته وضع ١٢ فريقًا من أوروبا، وهي: سالزبورج النمساوي، تشيلسي ومانشيستر سيتي من إنجلترا، ريال مدريد وأتليتكو مدريد من إسبانيا، بورتو وبنفيكا من البرتغال، باريس سان جيرمان من فرنسا، يوفنتوس وإنتر ميلان من إيطاليا، بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند من ألمانيا.
◄ سلبيات.. رغم السيطرة
بالوقوف عند المربع الذهبي في البطولة الجارية، وبعيدًا عن نتائجه، فإن له -كما هى عادة الدورات المجمعة- مكانة خاصة، فهو مربع الذهب، من يتواجد به ينال هذا الشرف التاريخى الذى لا يُنسى في أرشيف الذكريات الكروية.
وبالنظرة الأولى للرباعي المتواجد فى نصف النهائي قد يتبادر لذهن المتابع أنه يؤكد تفوق الكرة الأوروبية، فى الظاهر هذا حقيقي، ثلاثة فرق من أصل أربعة من هذه القارة المسيطرة على مقاليد الزعامة الكروية، تشيلسي وريال مدريد وباريس سان جيرمان، إلا أن مسار البطولة لا يشير لذلك، فالقوة الأوروبية من الطبيعي تجعلها فى هذه المكانة، عطفًا أيضًا على نسبة عدد الفرق الأوروبية مقارنة بعدد فرق القارات الأخرى.. أما فريق فلومنينسي الذى مثل البرازيل وأمريكا الجنوبية في نصف نهائى البطولة المقامة على أرض أمريكية من الجانب الآخر قاريًا «أمريكا الشمالية»، فقد عبّر هو وغيره عن مفاجآت تحتاج لنظرة بمثابة صرخة هوية لفرق هذه القارة وفرق البرازيل بصفة خاصة، مفادها أنهم أصل كرة القدم فى العالم وأكثر المتوجين بكأس العالم للمنتخبات، ومنبع المهارات ومستعدون لمواصلة كتابة التاريخ بأقل الإمكانات.
فمنذ دور المجموعات والفرق البرازيلية مصممة على فعل شىء وترك ذكرى مشرفة فى هذا المونديال، فقد فاز فريق بوتافوجو على باريس سان جيرمان وهى من كبرى مفاجآت البطولة وأبرزها، بوصف باريس أقوى فرق العالم حاليًا عقب تتويجه بدوري أبطال أوروبا.
نجح أيضًا فريق فلامنجو فى الفوز على تشيلسى بنتيجة مفاجئة ١/٣، واستطاع الصعود أول مجموعة وصعد الفريق الإنجليزى خلفه فى المركز الثانى.
نجحت فرق أخرى في تحقيق تعادلات مع ممثلي أوروبا، تعادل فلومنينسي مع دورتموند، بوكا جونيورز مع بنفيكا، بالميراس مع بورتو.
في دور الستة عشر كانت كبرى المفاجآت من فرق أمريكا الجنوبية، بفوز فلومنينسي على انتر ميلان بثنائية.. ولم تكن القارة محظوظة بوقوع فريقين برازيليين أمام بعضهما فى دور الستة عشر، بالميراس وبوتافوجو، المواجهة التى انتهت بصعود بالميراس، وكان من الممكن أن يواجه كل فريق منافسا أوروبيا ووقتها كان من الممكن تغيير المعادلة وزيادة عدد الفرق البرازيلية فى دور الثمانية ومن ثم نصف النهائي.
◄ تاريخ له دلالة
وبالعودة لتاريخ كأس العالم للأندية منذ أن أقيمت نسخة استثنائية من ثمانية فرق فى عام ٢٠٠٠ إلى النسخة الجارية عام ٢٠٢٥، فإن الـ٢٥ عامًا كانت شاهدة على محاولة الفرق البرازيلية فى منافسة فرق أوروبا بشكل دائم، فمن أصل ٢٠ نسخة أقيمت، فاز الأوروبيون بـ١٦ منها، ولم يستطع كسر هذه الهيمنة إلا فرق البرازيل فى أربع نسخ، كورنثيانز عامى ٢٠٠٠ و٢٠١٢، ساو باولو ٢٠٠٥، انترناسيونال ٢٠٠٦.. تعد أبرز الأسباب التى تحدث عنها الأوروبيون بشأن غياب بعض الفرق عن مستواها، بالإضافة للنتائج السلبية فى بعض المباريات، أن المناخ لم يكن مناسبًا وهو أمر صحيح وسردناه فى سطور سابقة على صفحات «الأخبار» بمثابة ناقوس خطر على كأس العالم للمنتخبات المقرر إقامته العام القادم فى نفس الأجواء وبنفس البلد.
إلا أنه بالنظر للمقارنات، فإن الغلبة يجب أن تكون لفرق أوروبا لفارق الإمكانات المذكور سابقًا.
وبنظرة أخرى على التاريخ الذى لن ينضب بدلالات مهمة يمكن عادة القياس عليها، فإن فى كأس العالم للمنتخبات ١٩٩٤ كانت الكرة الأوروبية مسيطرة عليه كما هو الحال دائمًا، وأقيمت البطولة وقتها أيضًا فى الولايات المتحدة بأجوائها الصعبة، رغم تتويج البرازيل بلقبها، إلا أنه لقب جاء بصعوبة شديدة وبركلات الترجيح الشهيرة التى تخطوا خلالها الطليان وبذكريات باجيو الأليمة، وفى المقابل كان الأوروبيون مسيطرين على البطولة، فكان دور الثمانية يضم سبعة فرق من أوروبا، ونصف النهائى مُشكلا من ثلاثة منتخبات أوروبية، لذا فإن الأجواء مهما بلغت صعوبتها لا علاقة لها بمفاجآت فرق البرازيل على منافسيهم الأوروبيين بنسخة مونديال ٢٠٢٥.
◄ ثقة وتمرس
لطالما كانت الفرق البرازيلية فى مثل هذه المواعيد متمرسة من الجانب النفسى، كما هو الحال لمنتخبهم الذى مازال يجلس على قمة كرة القدم بوصفه الأكثر تتويجًا بالمونديال.
وفى مونديال الأندية، كان للأهلى فواصل محبطة أمام فرق البرازيل، وكان العامل النفسى هو البطل الرئيسي في هذه المواجهات.. فى كل مواجهة كان الأهلي إما الأفضل على أرض الملعب، أو على الأقل متساويا مع منافسه فى الهجمات والخطورة والسيطرة، لتأتى ضربة الحسم البرازيلية بثقة وتمرس لتنهى المباراة.. حدث هذا الأمر فى نصف نهائى البطولة أربع مرات، فى النسخ التالية: ٢٠٠٦ أمام انترناسيونال، ٢٠١٢ أمام كورنثيانز وكلاهما توج بالنسختين، ٢٠٢١ أمام بالميراس، ٢٠٢٣ أمام فلومنينسى.. وفى النسخة الجارية ظهر ذلك من فلومنينسى أمام الهلال السعودى بدور الثمانية، بالرغم من عودة الهلال فى النتيجة ١/١ إلا أن بطل البرازيل عاد بثقة وحسم بهدف الفوز، وكأنه سيناريو محفوظ ومكرر بالنسبة لهم.
◄ قرارات منتظرة
تدور التكهنات حول كيفية الاستفادة من المونديال الحالى لنسخه القادمة والتطوير بها، ومن ضمن الأقاويل احتمالية إقامته كل عامين، وأن يضم ٤٨ فريقًا، وفى كلتا الحالتين، فإن فرق أمريكا الجنوبية قد يزداد عددها فى النسخ القادمة، عطفًا على ما قدموه بالنسخة الحالية، وهو أمر إن تم، يعد منطقيًا ويزيد من دائرة الحلم الكروى بكسر الهيمنة الأوروبية فى التتويج بكبرى البطولات.